لأمير المؤمنين عليهالسلام إلاّ أنّها لم تستقم له ، فقد تمرد عليه ثلاثة من الشخصيات وهم : عائشة وطلحة والزبير ، ولم ينته تمرّدهم إلاّ بمقتل جماعة من الطرفين ، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى والمعوّقين. واستثمر معاوية ظروف حرب الجمل وظروف مقتل عثمان ، فحارب أمير المؤمنين عليهالسلام وانتهت المعركة بمجموعة كبيرة من القتلى ، من ضمنهم كبار الشخصيّات الموالية لأهل البيت عليهمالسلام كعمار بن ياسر ونظرائه.
وأفرزت المعركة ظاهرة الانشقاق في جيش أمير المؤمنين عليهالسلام حيث تمرّدت عليه جماعة عرفت فيما بعد بالخوارج وقاموا بخلق البلبلة والاضطراب في داخل قوّات الإمام عليهالسلام. وكان معاوية يشنّ الغارات المتوالية على أطراف دولته عليهالسلام ، ويقوم بقتل كلّ موالٍ له والاستيلاء على ممتلكاته. ولم تسمح الظروف لأمير المؤمنين عليهالسلام كي يبني دولته وجيشه بناءً عقائدياً وسلوكياً. وكان أغلب المكّيّين وأهل البصرة لا يدينون بالولاء له. وإضافة إلى كلّ ذلك أنّ المنخرطين في جيشه لم ينخرطوا ولاءً له ، وإنّما تابعوه لأنّه على رأس دولة. فهم تبع لأي حاكم ؛ لا يفرّقون بين أمير المؤمنين عليهالسلام وبين غيره من الحكّام ، وقد يكون أقصى تقييم أكثرهم له ، أنّه عليهالسلام أفضل من معاوية فقط. ولم تستمر خلافته سوى أربع سنين حتّى اغتالته أيدي المتآمرين ، للحيلولة دون أن يقوم بإكمال المسيرة الّتي تحتاج إلى زمن طويل في بناء دولة وكيان ، وتأسيس جيش عقائدي متماسك (١).
٣ ـ ظروف وأوضاع جيش الإمام الحسن عليهالسلام :
لم يكن جيش الإمام عليهالسلام جيشا متماسكاً موحداً في أفكاره وولاءاته ، بل كان خليطاً غير متجانس من آراء مختلفة وولاءات متعددة ، وقد عبّر الإمام عليهالسلام عن ذلك قائلاً : « رأيت أهل الكوفة قوماً لا يثق بهم أحد أبدا إلاّ غلب ،
__________________
(١) تاريخ الإسلام ٢ : ٤٦.