٨ ـ التواضع : إنّ مهمة القائد أو الإمام هي هداية الناس واصلاحهم وتقرير مفاهيم وقيم الإسلام في عقولهم وقلوبهم وارادتهم وممارساتهم ، وهذه المهمة تتطلب الاختلاط معهم ومشاركتهم في نشاطاتهم وفعالياتهم ، وهي بأجمعها تعبير عن التواضع وعدم التعالي ، وبهذا التواضع يمتلك القائد عقول وقلوب الناس بعد اطلاعه على همومهم ومشاكلهم وعلى درجة قربهم وبعدهم عن المنهج الإسلامي ، وقد اتصف الإمام الحسن عليهالسلام بهذه الصفة حتىٰ كانت خلقاً دائماً له ، ومن تواضعه أنّه « مرّ على فقراء وقد وضعوا كسيرات على الأرض وهم قعود يلتقطونها ويأكلونها ، فقالوا له : هلمّ يا ابن بنت رسول الله إلى الغداء ، فنزل وقال : ( إنّ الله لا يحب المتكبرين ) ، وجعل يأكل معهم حتى اكتفوا والزاد على حاله ببركته عليهالسلام ثم دعاهم إلى ضيافته وأطعمهم وكساهم » (١). ومرّ بصبيان يأكلون كسراً من الخبز فاستضافوه فنزل وأكل معهم ، ثم حملهم إلى منزله وأطعمهم وكساهم وقال : « اليد لهم لأنّهم لم يجدوا غير ما أطعموني ، ونحن نجد كثيراً مما أعطيناهم » (٢).
٩ ـ الحلم واستيعاب المخالفين : الحلم وإستيعاب المخالفين صفة أساسية في حركة القائد الإسلامي ، لأنّه يواجه أصنافاً من الناس يختلفون في أفكارهم وتصوراتهم ومواقفهم ، فلا يمكن التأثير عليهم وهدايتهم إلاّ بالحلم والصبر على أخطائهم ومساوئهم ، وقد اتصف الإمام الحسن عليهالسلام بهذه الصفة وكانت ملازمة له. روي انّه « قدم المدينة رجل كان يبغض عليا عليهالسلام فانقطع ولم يبقَ معه زاد ولا راحلة فشكى حاله إلى بعض أهل المدينة فدله على الحسن ، وقيل له : لا تجد خيراً منه فجاءه وشكى إليه أمره ، فأمر له بزاد وراحلة ، فقال الرجل : الله أعلم
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٣ : ٣٥٢ / ٢٨.
(٢) اسعاف الراغبين : ١٩٦.