رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنّه أولى بالأمر من غيره. ثمّ قال : « معاشر الناس إنّ طلحة والزبير بايعا عليّاً طائعين غير مكرهين ، ثمّ نفرا ونكثا بيعتهما له ، فطوبى لمن خفّ في مجاهدة من جاهده ، فإنّ الجهاد معه كالجهاد مع النبي صلىاللهعليهوآله » (١).
وفي رواية أخرى قال : « أيّها الناس أجيبوا دعوة أميركم وسيروا إلى إخوانكم فإنّه سيوجد لهذا الأمر من ينفر إليه ، ووالله لأن يليه أولوا النهى أمثل في العاجل والآجل وخير في العاقبة ، فأجيبوا دعوتنا وأعينونا على ما ابتلينا به وابتليتم ، وإنّ أمير المؤمنين يقول : ... والله إنّ طلحة والزبير لأوّل من بايعني وأوّل من غدر ، فهل استأثرت بمال أو بدلت حكماً ؟ فانفروا فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر » ، فسامح الناس وأجابوا ورضوا (٢) فقال للناس : « أيّها الناس إنّي غاد ، فمن شاء منكم أن يخرج معي على الظهر ، ومن شاء فليخرج في الماء ». واستجابت الجماهير لدعوة الإمام ، وعجّت الكوفة بالنفار ونزحت منها آلاف كثيرة ، فريق منها ركب السفن ، وفريق آخر ركب المطي ، وقد بدا عليهم الرضا والقبول وقد ساروا وهم تحت قيادة الإمام الحسن عليهالسلام (٣). وفي رواية خرج معهم ثمانية آلاف على كلّ صعب وذلول (٤).
خطاب الإمام الحسن عليهالسلام في معركة الجمل :
فشلت جميع المحاولات لتهدئة الأوضاع وإعادة المتمرّدين إلى الطاعة ، فقد كان عبدالله بن الزبير من أشدّ المحرّضين على إثارة الفتنة وإراقة الدماء ، وقد أفسد جميع الوسائل التي صنعها الإمام عليهالسلام لتحقيق السلم ، وقد خطب في جموع البصريين ودعاهم إلى الحرب تحت ذريعة الطلب بدم عثمان. فبلغ خطابه أمير المؤمنين عليهالسلام فقال للإمام الحسن عليهالسلام : قم يا بنيّ فاخطب ، فقام خطيباً فحمد الله
__________________
(١) الجمل / الشيخ المفيد : ١٤٢.
(٢) الكامل في التاريخ ٣ : ٢٣١ ـ ٢٣٢.
(٣) حياة الإمام الحسن بن علي عليهماالسلام ١ : ٤٣٨ ـ ٤٣٩.
(٤) ترجمة الإمام الحسن عليهالسلام من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى : ٥٧.