نتبعك ». فنظر إليهما علي عليهالسلام ، وقال : « نعم ، والله ما العمرة تريدان ، وإنّما تريدان أن تمضيا إلى شأنكما » (١) ، وفي رواية أخرى قال لهما أو لبعض أصحابه : « والله ما أرادا العمرة ولكنّهما أرادا الغدرة » ، فلحقا عائشة فحرّضاها على الخروج ، فسارت إلى البصرة ومعها طلحة والزبير في خلق عظيم ، وقدم القوم البصرة ، فقالوا لعثمان بن حنيف عامل علي عليهالسلام : « لم نأتِ لحرب وإنّما جئنا لصلح » فكتبوا كتابا بينهم وبينه أنّهم لا يحدثون حدثاً إلى قدوم علي عليهالسلام ، وأنّ كلّ فريق منهم آمن من صاحبه ثمّ افترقوا ، فوضع عثمان السلاح ، فنتفوا لحيته وشاربه وأشفار عينيه وحاجبيه ، وانتهبوا بيت المال وأخذوا ما فيه ، فلمّا أتى عليّاً عليهالسلام الخبر سار إلى البصرة ، فخرج من المدينة ، ثمّ صار إلى ذي قار ، ووجّه الحسن عليهالسلام وعمّار بن ياسر إلى الكوفة (٢). ووصل الإمام الحسن عليهالسلام إلى الكوفة فالتأم حوله الناس زمراً ، وأعلن الإمام الحسن عليهالسلام عزل أبي موس الأشعري عن منصبه ، وقال له : يا أبا موسى لم تثبط عنّا الناس ، وأقبل يحدّثه برفق ولين قائلاً : « يا أبا موسى ، والله ما أردنا إلاّ الإصلاح ، وليس مثل أمير المؤمنين يخاف على شيء » ، فبهت أبو موسى وضاقت به مكابرته فقال للإمام عليهالسلام : « صدقت بأبي أنت وأمي ... ولكن المستشار مؤتمن ». ولكنّ أبا موسى بقي مصرّاً على ما هو عليه من تثبيط عزائم الناس وخذلانهم من الخروج مع الإمام عليهالسلام ، وجعل كلّما سمعه من الحسن عليهالسلام ومن الخطباء دبر أذنيه حتى أعيى الإمام حسن حلمه فاندفع يصيح به في ثورة وعنف قائلاً له : « اعتزل عملنا أيّها الرجل ، وتنحّ عن منبرنا لا أمّ لك » (٣). وروي أنّ عمار بن ياسر خطب ثمّ نزل ، فصعد الحسن عليهالسلام على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر جدّه فصلى عليه ، وذكر فضل أبيه وسابقته وقرابته من
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٥١ ـ ٥٢.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٨١.
(٣) حياة الإمام الحسن بن علي عليهماالسلام / باقر شريف القرشي ١ : ٤٣٦ ـ ٤٣٧.