مرّات ، حتى أنّه يعطي الخفّ ويمسك النعل » (١). وهذا ما قاله علي بن يزيد بن جدعان أيضاً (٢). وقال سعيد بن عبد العزيز : « سمع الحسن بن علي رجلاً إلى جانبه يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم ، فانصرف ، فبعث بها إليه » (٣). وقال القاسم بن الفضل الحدّاني : « حدّثنا أبو هارون قال : انطلقنا حجّاجاً ، فدخلنا المدينة ، فدخلنا على الحسن ، فحدّثناه بمسيرنا وحالنا ، فلما خرجنا بعث إلى كل رجل منّا بأربعمائة فرجعنا فأخبرناه بيسارنا ، فقال : لاتردّوا عليّ معروفي فلو كنت على غير هذه الحال كان هذا لكم يسيراً ، إنّ الله يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة » (٤).
٥ ـ البلاغة والفصاحة : من الصفات المحبّبة لدى القائد أن يكون بليغاً وفصيحاً في أقواله وكلماته التي يخاطب بها العقول ، والمشاعر ؛ لتنفتح أمام الحقائق وأنوار الهداية. وهي ضرورية في استجاشة عناصر الخير والصلاح ، ومطاردة عناصر الشر والانحراف ، واستثارة حالة الحذر من مزالق الشيطان والنفس الأمّارة بالسوء ، وكان الإمام الحسن عليهالسلام أفضل الناس بلاغة وفصاحة في زمانه ؛ يحث الناس من خلالها على تبني المفاهيم السليمة وممارسة القيم الصالحة. وكان عليهالسلام يمارس الخطاب البليغ والفصيح لتحريك العقل الجمعي وتوجيهه الوجهة الصالحة. وفي هذا يقول ابن كثير : « وكان علي [ صلوات الله عليه ] يكرم الحسن اكراماً زائداً ويعظمه ويبجله ، وقد قال له يوماً : يا بني ألا تخطب حتى أسمعك ؟ فقال : إنّي أستحي أن أخطب وأنا أراك ، فذهب علي فجلس حيث لايراه الحسن ، ثم قام الحسن في الناس خطيباً وعليّ يسمع ، فأدّى خطبة بليغة فصيحة ، فلما انصرف جعل عليّ يقول : ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٣ : ٢٦٠.
(٢) حلية الأولياء ٢ : ٤٢.
(٣) سير أعلام النبلاء ٣ : ٢٦٠.
(٤) تهذيب تاريخ دمشق الكبير ٤ : ٢١٨.