من ملكية فاطمة عليهاالسلام ، وقد طلبتها فاطمة عليهاالسلام بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، « تارة بالميراث وتارة بالنحلة فدفعت عنها » (١). وحينما أصرّت فاطمة عليهاالسلام على استرجاع حقّها طالبها أبو بكر بالبيّنة ، فشهد لها الإمام علي عليهالسلام وأمّ أيمن ، وشهد لها أيضاً « الحسن والحسين » (٢). ومطالبة فاطمة عليهاالسلام بفدك لم يكن طمعا في أرض أو مال وهي الصدّيقة الزاهدة ؛ بل هو تعبير عن المطالبة بحقٍّ مغتصب وهو الخلافة ؛ حيث أنّ فدك بقيت على طول التاريخ تمثّل الحقّ المغتصب ، وهذا مانلاحظه في جواب الإمام موسى الكاظم عليهالسلام لهارون العباسي حينما قال له : « يا أبا الحسن حد فدك حتى أردّها عليك » ، وكان الإمام عليهالسلام يأبى ذلك ، فلمّا ألحّ عليه ، قال : « لا آخذها إلاّ بحدودها ، قال : وما حدودها ، قال : إن حدّدتها لم تردّها ، قال : بحقّ جدّك إلاّ فعلت ، قال : أمّا الحدّ الأوّل فعدن ، والحدّ الثاني سمرقند ، والحدّ الثالث أفريقية ، والرابع سيف البحر ممّا يلي الخزر وأرمينية. قال هارون : فلم يبقَ لنا شيء ، فتحول في مجلسي. قال الإمام الكاظم عليهالسلام : قد أعلمتك أنّي إن حدّدتها لم تردها » (٣). ففدك ليست أرضاً فحسب بل هي خلافة وحكومة أُزيح عنها أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ ولهذا أصرّت فاطمة عليهاالسلام على المطالبة بهذا الحقّ وأشهدت الشهود على ذلك ومنهم ولدها الحسن عليهالسلام وكان عمره دون الثامنة ، فهي لم تُشهد طفلاً أو صبياً بل انساناً متكاملاً مؤهّلاً للشهادة على هذا الأمر الخطير ، الذي بقي ولا يزال رمزا لصراع جوهري بين مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ومدرسة غيرهم ، وإعطاء الحسن عليهالسلام هذا الدور البارز في قضية كبيرة ومسألة خطيرة لم يكن عفوياً أو ارتجالياً أو طلباً للحصول على شيء من أمور الدنيا يحشد فيه الإنسان كلّما يحتاجه من شهود ؛ بل هو أمر هام غير منفصل عن
__________________
(١) صحيح مسلم ٢ : ١٤٤ / ١٧٥٩ ، وتاريخ الطبري ٣ : ٢٠٨.
(٢) السيرة الحلبية / دحلان ٣ : ٣٦٢.
(٣) ربيع الأبرار / الزمخشري ١ : ٣١٦.