غاية ، فهي ليست مظاهر وطقوس مجردة بل هي حركة وفاعلية تعبر عن اخلاص لله وتجرد له تدفع إلى العمل الصالح الذي هو انعكاس لهذا الارتباط الدائم.
عن المفضل بن عمر قال : « قال الصادق عليهالسلام : حدّثني أبي عن أبيه عليهالسلام أنّ الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم ، وكان إذا حجّ حجّ ماشياً وربما مشى حافياً ، وكان إذا ذكر الموت بكى ، وإذا ذكر القبر بكى ، وإذا ذكر البعث والنشور بكى ، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى ، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها ، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ وجل ، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ويسأل الله الجنة ويعوذ به من النار ، وكان عليهالسلام لا يقرأ من كتاب الله عزّ وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلاّ قال : لبّيك اللهمّ لبّيك ، ولم ير في شيء من أحواله إلاّ ذاكر الله سبحانه » (١). وروي أنّه : حج خمس عشرة حجّة ماشياً ، وخرج لله من ماله مرتين ، وقاسم الله ماله ثلاث مرّات (٢).
وعن الإمام محمد الباقر عليهالسلام : « أنّ الحسن عليهالسلام قال : إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه ولم أمشي إلى بيته ، فمشى عشرين مرّة من المدينة على رجليه » (٣). وكان إذا بلغ المسجد رفع رأسه وقال : « ضيفك ببابك ، يا محسن قد أتاك المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم » (٤). وكان إذا فرغ من الفجر لم يتكلم حتى تطلع الشمس وإن زحزح (٥). وكان يقرأ كل ليلة سورة الكهف في لوح مكتوب يدور معه حيث دار من بيوت أزواجه قبل أن ينام وهو في الفراش (٦). وكان إذا فرغ من الوضوء تغيّر لونه ، فقيل له في ذلك ، فقال : « حقّ على من أراد
__________________
(١) أمالي الصدوق : ١٥٠ / ٨ ، مجلس ٣٣.
(٢) المنتظم / ابن الجوزي ٥ : ١٦٤ ـ ١٦٥.
(٣) بحار الأنوار ٤٣ : ٣٣٩.
(٤ و ٥) بحار الأنوار ٤٣ : ٣٣٩.
(٦) البداية والنهاية ٨ : ٤٢.