المعارضة بالإتيان بمثله ، ولم يقدر أحد عليه ـ مع كونهم في صدده ـ فهو معجزة وإن كان من الأمور السهلة ، مع أنّ القرآن كان بحيث لم يمكن ولا يمكن الإتيان بمثله في الفصاحة والبلاغة والحلاوة ، وعدم الانزجار مع كثرة التلاوة ، والاشتمال على الحقائق والدقائق والمطالب العالية والمضامين الكاملة ، بحيث يعجز عن إدراكها الفحول ، وفي الاشتمال على خواصّ السور والآيات ، وحصول الشفاء عن الأمراض بها ، وقصص الأنبياء وغيرهم من غير تعلّم ، والاشتمال على المغيّبات ونحوها.
مضافا إلى اتّصافه بالصفات الحسنة ، والأخلاق الجميلة ، والأعمال المستحسنة ، والأقوال المطبوعة وكون مدفنه ومدفن أوصيائه محلّ ظهور الكرامات واستجابة الدعوات ، كما هو المشاهد لمن حضر في المشاهد. (١)
الثاني : أنّ إرسال الرسل ليس إلاّ للإرشاد ورفع الضلالة عن العباد كما في الأزمنة السابقة ، ولا شكّ أنّ ظهور الطغيان والكفر والعصيان كان قبل بعثة خاتم الأنبياء أكثر من جميع الأزمنة ، فكان بعث الرسول في زمانه لازما ولم يكن غيره صلىاللهعليهوآله داعيا إلى الحقّ مانعا عن الكفر مع ادّعاء النبوّة ، فهو النبيّ بالحقّ. (٢)
الثالث : في أنّه أخبر جميع كتب الأنبياء السابقين بمجيء نبيّنا صلىاللهعليهوآله مع ذكر أوصافه وعلائمه ، كما قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ ) (٣).
وقال : ( إِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) (٤).
__________________
(١) « سيف الأمة » : ٧٤ ـ ٧٩.
(٢) المصدر السابق : ٨٢ ـ ٨٤.
(٣) الأعراف (٧) : ١٥٧.
(٤) الصفّ (٦١) : ٦.