موسى ، والنصارى من معجزات عيسى ، فيجب تصديقه وإطاعته كتصديقهما وإطاعتهما » (١).
« فإن قلت : إنّ إطاعة عيسى عليهالسلام ممّا اتّفق عليه المسلمون والنصارى ، وإطاعة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا اختلفوا فيه ولا يجوز اختيار المختلف فيه مع وجود المتّفق عليه.
قلت : إنّ النزاع في إطاعة أهل هذا الزمان ، ولم يقل أحد من المسلمين بوجوب إطاعة هذا الزمان لعيسى عليهالسلام ، بل يقولون بحرمتها ، ونسخ دينه ، ووجوب طاعة صلىاللهعليهوآلهوسلم فهذا غلط ناشئ من عدم تحرير محلّ النزاع.
ومثله شبهة أنّ محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم اعترف بنبوّة عيسى عليهالسلام فإنّ محمّدا صلىاللهعليهوآله صرّح بانتهاء زمان عيسى في أمثال هذا الزمان ، فإن أقرّ عيسى بأنّ محمّدا ـ الذي يأتي ويقول بذلك ـ حقّ ورسول ، فنحن نصدّقه بتصديق محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وإلاّ فلا.
والحاصل : أنّ عيسى كان رسولا على أهل زمانه وأمثاله ، والنزاع في أهل زماننا ، فلا يجري فيه الاستصحاب أيضا ، مع أنّ حجيّته موقوفة على ثبوت نبوّة نبيّنا ؛ لانحصار دليل الحجيّة على الصحيح في النقل عن أمنائه » (٢).
مضافا إلى أنّه مدرك غير علمي فلا يصحّ ابتناء المسألة العلميّة عليه.
وبالجملة : ادّعى محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم النبوّة الممكنة وأتى بالقرآن الذي هو معجزة ، فإنّه طلب المعارضة بقوله : ( فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) (٣) و ( فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ ) (٤) ونحو ذلك ، ولم يقدر أحد من الفصحاء البلغاء على الإتيان بمثله ـ مع كمال حرصهم على ردّه ونفيه ، بحيث إنّهم ـ بعد عجزهم عن المقابلة بالحروف ـ ارتكبوا المقاتلة بالسيوف ، ولا ريب أنّ كلّ أمر أتى به مدّعي النبوّة الممكنة ، وطلب
__________________
(١) المصدر السابق : ٥٦ ـ ٥٨.
(٢) المصدر السابق : ٥٨ ـ ٦٢.
(٣) البقرة (٢) : ٢٣.
(٤) هود (١١) : ١٣.