وبعبارة أخرى المعجزة الخارقة للعادة المقترن بالتحدّي المطابق للدعوى ، ومطلوب الخصم غير المقصور على أمر أو أمور خاصّة ، ولا المترتّب على سبب ظاهر ، ويستحيل صدوره عن الكاذب ، بل يجب على الله إبطاله » (١).
ومنها : « أنّ الدليل على ثبوت الرسالة الخاصّة لصاحب الرئاسة الإلهيّة العامّة سيّد الأنبياء محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمور :
الأوّل : أنّ الله بعث رسولا واجب الإطاعة لعباده أم لا؟ لا سبيل إلى الثاني باتّفاق الفريقين ـ مع أنّه خلاف اللطف الواجب ـ فتعيّن الأوّل ، فنقول : إنّ ذلك الرسول إمّا ممّن اشتهر ادّعاؤهم كإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أو غيرهم ممّن لا يعلم؟
لا سبيل إلى الثاني باتّفاق الفريقين ـ مع أنّه تكليف بما لا يعلم فتعيّن الأوّل ، فنقول : إنّ ذلك المبعوث الذي وجب إطاعته إمّا كلّهم ، أو بعضهم ، لا دليل إلى الثاني ، إن كان المراد هو البعض لا على التعيين بالاتّفاق ، مع أنّه مثبت للمدّعى.
وإن كان المراد هو البعض المعيّن فنقول : إنّ التعيّن بدون الدليل خلاف الاتّفاق فلا بدّ من الدليل ، فنقول : إن كان لكلّ دليل فإمّا أن يكون الحقّ مع البعض دون بعض ، أو يكون مع الكلّ ، والأوّل باطل بالبديهة ، فتعيّن الثاني. وحينئذ لا يخلو إمّا أن يكون الكلّ ممّن يجب طاعته على الكلّ على وجه التشريك ، أو على وجه الترتيب والتوزيع ، والأوّل باطل بالبديهة ؛ لاستحالة وجوب طاعته المتأخّر المتقدّم ـ مضافا إلى التناقض والنسخ ـ فتعيّن حقّيّة الكلّ على الترتيب والتوزيع بحسب الزمان. ومن المعلوم أنّ نبيّنا محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ادّعى النبوّة الممكنة ، وأتى بالمعجزة المصدّقة أكثر من أن تحصى كما سطرت في الكتب والرسائل على وجه التظافر والتواتر اللذين لا بدّ فيهما من الالتفات والتخلية ، بل هي أظهر ممّا حكى اليهود من معجزات
__________________
(١) المصدر السابق : ٥٠ ـ ٥٣.