والإنجيل ، وإن أنكره الزنديق » (١).
ومنها : « أنّه إذا تعلّق مشيئة الله بإرسال رسول إلى قوم ، وأمرهم بإطاعته لا بدّ من إعطاء علامة دالّة على صدق ذلك الرسول ، فيهلك من هلك عن بيّنة ويحيا من حيّ عن بيّنة ، ولئلاّ يكون للناس على الله حجّة ، فلله الحجّة البالغة ، وتلك العلامة هي المعجزة المصدّقة ، كثعبان موسى ، وإحياء عيسى.
وقد صرّح بذلك في كتاب من كتب خمسة للتوراة حيث قال : سيأتي نبيّ من لم يؤمن به ، انتقم منه ، فقالوا هم : تعرف ذلك النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنّه حقّ؟ قال : إنّه يعد شيئا فانظروا إن وعد ، إن حصل آمنوا به ، وإلاّ فلا ، فجعل الإخبار بالغيب من المعجزة.
وتوهّم عدم الفرق بين المعجزة وبين نحو السحر والشعبذة ـ ممّا يثبت به نحو النبوّة ـ فاسد ؛ فإنّ المعجزة أثر عجيب واقعي خارق للعادة مقترن بادّعاء ، نحو النبوّة الممكنة على وجه المطابقة لما واقع عليه المطالبة ، فلا يمكن التعلّم بالكسب والرياضة ، بخلاف غيرها كالسحر والشعبذة فإنّه ممّا يمكن تعلّمه بالكسب والرياضة.
وقد يتحقّق في ضمن الخيالي غير الواقع ، مع أنّه لو اقترن بادّعاء نحو النبوّة الممكنة يجب على الله إبطاله لئلاّ يكون للناس على الله حجّة ، فلا يتحقّق الاقتران والمطابقة كما هو في صورة الإتيان بما هو غير محلّ المطالبة ، كشفاء الأعمى عند مطابقة إنطاق الجماد ونحوه ممّا هو خارق العادة ، فالفرق واضح عند عدم من له أدنى مسكة ، فتنحسم مادّة الشبهة بلا شبهة.
وكذا تمتاز المعجزة عن الأرض والكرامة ، ككسر بناء كسرى ، وغور ماء ساوه ، وخمود النار ، ونحوها من خوارق العادة.
__________________
(١) المصدر السابق : ٤٩ ـ ٥٠.