وأعرف من أن ينكر ، ثمّ إنّهم عبدوا الأصنام في زمان « برد عام بن نواط » (١) وهو أحد غلمان سليمان بن داود عليهماالسلام ومن قصّته أنّ سليمان عليهالسلام قد كان تفرّس منه طلب الملك ، وتوسّم فيه علامات الرئاسة والسلطنة. وقد كان « أخيّا الشيلوني » قد أخبر بردعام بذلك وشقّ عليه ثوبا جديدا كان عليه ، وقطعه اثنتي عشرة قطعة ، وأعطاه منها عشرة قطع وقال له : إنّ لك بعدد هذه القطع من بني إسرائيل عشرة أسباط تملكهم ولا يبقى من بعد سليمان مع ابنه « رجوعام » (٢) وأولاده غير سبطين ، وهما : يهوذا وبنيامين ، فهرب بردعام بن نواط من سليمان واتّصل [ إلى ] « ثيشاق » عزيز مصر ، وبقي عنده حتّى توفّي سليمان عليهالسلام فرجع إلى الشام ، وأجمع رأيه ورأي بني إسرائيل جميعا على نصب رجوعام بن سليمان عليهالسلام ملكا ، فملّكوه عليهم ، ثمّ أتوا إليه واستعطفوه في وضع الآصار والمشاقّ التي كانت عليهم في أيّام سليمان عليهالسلام ، فقال لهم رجوعام : [ إنّ ] خنصري أمتن من خنصر أبي ، لئن كان أبي وضع عليكم أمورا صعبة وحمّلكم التكاليف الشاقّة ، فأنا أحمّلكم وأضع عليكم ما هو أشقّ وأصعب ، فتفرّقوا عنه ، ونصبوا بردعام بن نواط وملّكوه ، واجتمعوا عليه عشرة أسباط من بني إسرائيل.
وانفرد رجوعام بن سليمان بسبطين منهم ، ولمّا كان بنو إسرائيل يحجّون كلّ سنة [ إلى ] بيت المقدس ، خاف « بردعام » على ملكه إن أذن لهم في الحجّ إليه من رجوعام وأتباعه أن يصرفوهم عنه ، أو يميلوا إلى ابن سليمان ، فصنع لهم صنمين من ذهب ووضعها في دان وبيت إيل ، وأمر الناس بعبادتهما والحجّ إليهما ، فأطاعوه وصاروا بذلك مشركين شركا آخر بعد عبادة العجل؟ فكيف يا أخا اليهود تقول : إنّ اليهود ما أشركوا بالله تعالى وما اتّخذوا إلها غير الله ، وإنّهم كانوا موحّدين ، وعن غير
__________________
(١) كذا في النسختين ، وفي المصدر : « يربعام بن نباط ».
(٢) كذا في النسختين ، وفي المصدر : « رحبعام ».