منها : ما وقع في قصّة العجل من نسبة اتّخاذه إلها لبني إسرائيل إلى هارون النبيّ عليهالسلام وهذه ترجمة عبارة التوراة في فصل نزول الألواح واتّخاذ العجل ، وهو الفصل العشرون من السفر الثاني : « ولمّا رأوا القوم أنّ موسى عليهالسلام قد أبطأ عن النزول عن الجبل تحرّفوا إلى هارون وقالوا : قم فاصنع لنا آلهة يسيرون قدّامنا ، فإنّ ذلك الرجل ـ موسى ـ الذي أصعدنا من بلد مصر لا نعلم ما كان منه ، قال لهم هارون : فكّوا شفوف الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها ، ففعلوا ذلك جميع القوم ونزعوا أقراط الذهب التي كانت في آذانهم ، وأتوا بها إلى هارون ، فأخذها منهم وصوّرها بقالب ، وجعلها عجلا مسبوكا ، فاتّخذوه إلها وعبدوه ، ثمّ إنّه لمّا جاء موسى عليهالسلام من ميقات ربّه ورأى ما صنع هارون عليهالسلام وأنكر ذلك ووبّخ فاعتذر إليه ، فقال : لا تلمني على ذلك فما فعلته إلاّ خشية تفرّق بني إسرائيل.
فهذا دليل قاطع وبرهان ساطع على أنّ التوراة التي عندكم محرّفة ، وأنّ فيها زيادة على التوراة التي أنزلت على موسى ؛ لأنّ مثل هذا العمل لا يصدر من جاهل غبيّ ، فكيف يصدر من مثل هارون النبيّ؟! وكيف تأتّي له ذلك الاعتذار عند موسى عليهالسلام؟! وتفرّق بني إسرائيل ـ على تقديره ـ أهون من تصوير هارون لهذه [ الصورة ] واتّخاذها إلها يعبد ، وكيف خشي على بني إسرائيل من التفرّق ولم يخش عليهم من الشرك والكفر ، وقد قال له موسى : ( هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) (١)؟!
وقال داود ـ ومن معه من اليهود ـ : وأيّ مانع من ذلك وقد أعان على ذلك أيضا جبرائيل ، وقصّته مذكورة في التوراة كقصّة هارون عليهالسلام؟.
فقال لهم السيّد : إنّ جبرائيل لم يعن على ذلك ، ولا في التوراة شيء ممّا هناك ، وإنّما السامري وجد أثر الحياة من أثر فرس جبرائيل ، فأغوى القوم بهذه الوسيلة ،
__________________
(١) الأعراف (٧) : ١٤٢.