فقالوا : قد سمعنا ذلك.
فقال لهم السيّد : أو ما سمعتم أيضا ، بمعجزات محمّد صلىاللهعليهوآله وبراهينه وآياته فكيف صدّقتم بذلك وكذّبتم بهذا ـ مع بعد ذلك عنكم وقرب هذا منكم؟! ـ ومن المعلوم أنّ السماع يختلف قوّة وضعفا بحسب الزمان قربا وبعدا ، وكلّما طال المدى كان أبعد ، وكلّما قصر كان إلى التصديق أقرب ، وأمّا نحن معاشر المسلمين فقد أخذنا بالسماعين وجمعنا بين الحجّتين ، وقلنا بنبوّة النبيّين ولم نفرّق بين أحد من رسله وكتبه ، ولم نقل ـ كما قلتم ـ : نؤمن ببعض ونكفر ببعض. فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، لقد جاءت رسل ربّنا بالحقّ.
ثمّ قال لهم السيّد : لو سألكم إبراهيم عليهالسلام وقال لكم : لم تركتم ديني وملّتي وصرتم إلى ملّة موسى ودينه فما تقولون في جوابه؟
قالوا : كنّا نقول لإبراهيم : أنت السابق وموسى اللاحق ولا حكم للسابق بعد اللاحق.
فقال لهم السيّد : فلو أنّ محمّدا صلىاللهعليهوآله قال لكم : لم لم تتبعوا ديني وأنا اللاحق وموسى السابق وقد قلتم : لا حكم للسابق بعد اللاحق ، وقد أتيتكم بالآيات الظاهرات والمعجزات الباهرات والقرآن الباقي مدى الزمان ، فما كان جوابكم عن ذلك؟ فانقطع كلّ منهم وتحيّروا ولم يأتوا بشيء يذكر ، فبهت الذي كفر.
ثمّ عطف السيّد على كبيرهم وقال : إنّي أسألك عن شيء فاصدقني ، ولا تقل إلاّ حقّا. هل سعيت في طلب الدين وتحصيل العلم واليقين من أوّل تكليفك إلى هذا الحين؟
فقال : الإنصاف إنّي إلى الآن ما كنت بهذا الوادي ، ولا خطر ذلك في ضميري وفؤادي غير أنّي اخترت دين موسى عليهالسلام ؛ لأنّه كان نبيّا ، ولم يظهر لنا دليل على نسخ نبوّته ولم نفحص عن دين محمّد صلىاللهعليهوآله حقّ الفحص ولم نبحث عمّا جاء به حقّ البحث ونحن نتأمّل في ذلك ونأتيك أخبارنا فيما يحصل لدينا ممّا هنالك.