ما تشاهدون ، فناداهم الجبل : يا أعداء الله ، قد أبطلتم بما تقولون نبوّة موسى ، هلاّ قلتم لموسى : إنّ قلب العصا ثعبانا ، وانفلاق البحر طرقا ، ووقوف الجبل كالظلّة فوقكم إنّما تأتّى لك ؛ لأنّك مؤتى لك يأتيك جدّك بالعجائب ، فلا يغرّنا ما نشاهده؟!! فألقمهم الجبل بمقالتهم ولزمتهم حجّة ربّ العالمين » (١).
[٥] ومنها : ما روي عن عمّار بن ياسر أنّه كان مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض أسفاره قال : نزلنا يوما في بعض الصحاري القليلة الشجر ، فنظر إلى شجرتين صغيرتين ، فقال لي : « يا عمّار ، صر إلى الشجرتين ، فقل لهما : يأمركما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن تلتقيا حتّى يقعد تحتكما » فأقبلت كلّ واحدة إلى الأخرى حتّى التقتا ، فصارتا كالشجرة الواحدة ومضى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خلفهما ، فقضى حاجته ، فلمّا أراد الخروج قال : « لترجع جميع كلّ واحدة إلى مكانها. فرجعتا كذلك » (٢).
[٦] ومنها : ما روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم « لمّا غزا بتبوك كان معه من المسلمين خمسة وعشرون ألفا سوى خدمهم ، فمرّ عليهالسلام في مسيره بجبل يرشح الماء من أعلاه إلى أسفله من غير سيلان ، فقالوا : ما أعجب رشح هذا الجبل! فقال : « إنّه يبكي » قال : « أتحبّون أن تعلموا ذلك؟ » قالوا : نعم ، قال : « يا أيّها الجبل ، ممّ بكاؤك؟ » فأجابه الجبل بلسان فصيح : يا رسول الله ، مرّ بي عيسى بن مريم وهو يتلو : ( ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ ) (٣) فأنا أبكي عند ذلك اليوم خوفا من أن أكون من تلك الحجارة ، فقال : « اسكن مكانك فلست منها ، إنّما تلك الحجارة الكبريت » فجفّ ذلك الرشح من الجبل في الوقت حتّى لم ير ذلك الرشح وتلك الرطوبة التي كانت (٤).
__________________
(١) « بحار الأنوار » ١٧ : ٣٣٦ ـ ٣٣٩ ، نقلا عن « التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري » : ٢٨٦ ـ ٢٩٠.
(٢) « بحار الأنوار » ١٧ : ٣٦٤ ، ح ٣ ، نقلا عن « الخرائج والجرائح » ١ : ١٥٥ ، ح ٢٤٣.
(٣) التحريم (٦٦) : ٦.
(٤) « بحار الأنوار » ٨ : ٢٩٧ ـ ٢٩٨ ، ح ٥٠ ، نقلا عن « الخرائج والجرائح » ١ : ١٦٩ ، ح ٢٥٠.