مضافا إلى أنّ الإجماع الذي ليس فيه رئيس الملّة وهو عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ومن يعتنى به كالعبّاس وسلمان وأبي ذرّ والمقداد وعمّار وحذيفة وغير ذلك ، ليس به اعتناء ، وقد نقل إجماعهم أنّ الجماعة المذكورين لم يكونوا حاضرين ، بل كانوا بتجهيز الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مشغولين.
وأيضا فإنّ الوجوب النقلي قد ثبت بعد الإجماع بزعمهم فقبل تحقّقه بأيّ شيء استندوا حيث تركوا تجهيز النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقالوا : إنّ تعيين الإمام من أهمّ الواجبات ، مع أنّهم لا يقولون بالوجوب العقلي ، ولم يتحقّق حينئذ الوجوب النقلي ، فإن كان تمسّكهم بسمع آخر فلم لم ينقلوه ولم تمسّكوا بالإجماع الفاسد؟
ومن هذا ظهر بطلان مذهب المعتزلة والزيديّة ؛ لعدم تصوّر إمكان نصب الخليفة لنا. نعم ، يتصوّر منّا نصب رئيس وأمير لحفظ النظام في الدنيا ، وهذا غير مراد ، وحيث بيّنّا وجوب تعيين الخليفة على الله والرسول لم يكن للقول بوجوب نصب الرئيس المذكور وجه.
والحاصل : أنّه يجب على الله نصب الإمام عقلا ، من جهة كونه سببا لبقاء نظام المعاش والمعاد ، وكونه لطفا وإن كان في الإظهار والإنفاذ مانع ؛ ردّا على طوائف كالخوارج وجمهور أهل السنّة والمعتزلة وأمثالهم ، كما قال تعالى : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (١) ، وقد فسّر في الخبر بأنّ كلّ إمام هاد للقوم الذي هو فيهم.
وعن الصادق عليهالسلام « أنّ الحجّة لا تقوم لله على خلقه إلاّ بإمام حتّى يعرف » (٢).
وعنه عليهالسلام عن عليّ بن الحسين عليهالسلام أنّه قال : « لم تخل الأرض منذ خلق الله آدم عليهالسلام من حجّة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة الله فيها ، ولو لا ذلك لم يعبد الله » قيل له عليهالسلام : فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب
__________________
(١) الرعد (١٣) : ٧.
(٢) « الاختصاص » : ٢٦٨.