حكي عن مسند ابن حنبل وتفسير الثعلبي وغيرهما أنّه لمّا نزلت هذه الآية ، قال الأصحاب : يا رسول الله ، من قرابتك الذين وجبت علينا مودّتهم؟ فقال : « عليّ وفاطمة وابناهما » (١) ؛ فإنّه إذا جعل مودّة عليّ جزاء ما ناله صلىاللهعليهوآلهوسلم من المصائب من جهة تبليغ الرسالة وإرشاد الأمّة ونسبته صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى السحر والكذب والجنون ونحوها وجب إطاعته في الأمر والنهي واعتقاد حجيّة فعله وقوله وتقديمه على غيره ؛ إذ لا عداوة أعظم من تقديم غيره ، سيّما عدوّه عليه اختيار الموجب لكون المقدّم مورد الآية ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) (٢).
[٥] ومنها : قوله تعالى : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) (٣) ؛ حيث نزل في سورة « هل أتى » المشتملة على هذه الآية في شأن عليّ عليهالسلام وفاطمة والحسن والحسين بإجماع الأمّة ـ على ما حكي ـ عند إرادة عليّ وفاطمة وفضّة وفاء نذرهم بصيام ثلاثة أيّام عند شفاء الحسنين ، وصيامهم وإعطائهم ما أرادوا أن يفطروا به في المسكين في الليلة الأولى ، واليتيم في الثانية ، والأسير في الثالثة ، وعدم ذوقهم إلاّ الماء القراح ، وأخذ عليّ يد الحسنين وإقبالهم على رسول الله مع الارتعاش من شدّة الجوع وإساءة ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإقبال الكلّ إلى فاطمة وهي في محرابها قد لصق ظهرها ببطنها من شدّة الجوع ، وغور عينها وجزع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من ذلك بقوله : « وا غوثاه بالله ، أهل بيت محمّد يموتون جوعا » (٤) ؛ فإذا كان عليّ عليهالسلام موردا لمثل هذه السورة وموصوفا بما تضمّنه يكون أهلا للإمامة
__________________
(١) « مجمع البيان » ٩ : ٤٨ ذيل الآية ٢٣ من سورة الشورى (٤٢) ؛ « الكشّاف » ٣ : ٢٢٠ ذيل الآية ٢٣ من سورة الشورى (٤٢).
(٢) مريم (١٩) : ٥٩.
(٣) الإنسان (٧٦) : ٨.
(٤) « الأمالي » للصدوق : ٢١٥ ، المجلس ٤٤ ، ح ١١.