دون غيره ، ولله درّ من قال :
قوم أتى في مدحهم هل أتى |
|
ما شكّ في ذلك إلاّ ملحدا |
[٦] ومنها : قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) (١) ؛ للاتّفاق على أنّ المراد عليّ بن أبي طالب ، حيث نام على فراش النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حين أراد المشركون قتله عند إرادته الهجرة في السنة الثالثة عشرة من البعثة لإيذاء المشركين له صلىاللهعليهوآلهوسلم على وجه الاجتماع ، لينتهي أمر القصاص إلى الدية لكثرة القتلة ، وأخبر جبرئيل ما أراده ، وأمره من الله أن يبيت عليّا عليهالسلام فراشه وأخرج من بيته ، وفرح عليّ عليهالسلام من ذلك بعد سماعه من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واطّلاعه على كون ذلك سببا لحراسة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فرضي بجعل نفسه فراء له صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أنّ الخليل قال عند إرادة ملك الموت قبض روحه : « هل رأيت خليلا يميت خليله » (٢) ، فقال ملك الموت : « هل رأيت حبيبا يكره لقاء حبيبه ». فرضي الخليل.
وقد روي أن الربّ الجليل قال في ذلك الوقت لجبرئيل وميكائيل : إنّي جعلت بينكما مؤاخاة ، وجعلت عمر أحدكما أطول فمن يرضى منكما بقصر عمره؟
فما يرضى أحد منهما ، فباهى الله به عليهالسلام عليهما فقال له عليهالسلام جبرئيل حين نزوله مع ميكائيل لحراسته : بخّ بخّ من مثلك يا بن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة؟ (٣) فيستفاد فضيلته المقتضية لاستحقاقه الإمامة والخلافة.
وما يقال ـ من أنّ الآية في شأن المقداد والزبير حيث صلب كفّار مكّة حبيب بن عدي ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من يجاهد بنفسه في سبيل الله فينجيه » (٤) ، فاختاره فنزلت ـ مدفوع بأنّ الأمر المذكور كان حين إقامته صلىاللهعليهوآلهوسلم في المدينة. والآية مكيّة.
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٠٧.
(٢) « الأمالي » للصدوق : ١٦٤ ، المجلس ٣٦ ، ح ١.
(٣) « الطرائف » : ٣٧ ؛ « كشف الغمّة » : ١ : ٣١٠.
(٤) « تفسير البغوي » ١ : ٢٦٦ ـ ٣٦٧ ذيل الآية ٢٠٧ من سورة البقرة (٢).