من دبره فقتلته ، فأنزل الله ( سَأَلَ سائِلٌ ) (١) الآية.
وبالجملة ، فأوحى الله إليه هذه الآية في غدير خم ـ موضع بين مكّة والمدينة بالجحفة بعد رجوعه من حجّة الوداع ـ فجمع الناس وجمع الرحال وصعد عليها فأخذ وقال مخاطبا : « يا معاشر المسلمين ، ألست أولى بكم من أنفسكم؟ » قالوا : بلى ، قال : « فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله » (٢).
فهذه الآية في غاية الظهور على إمامة مولانا عليّ بن أبي طالب عليهالسلام سيّما أنّ الله تعالى جعل ترك تبليغ أمر إمامته وكتمانه كأنّه لم يبلّغ شيئا من رسالات ربّه في استحقاق العقوبة.
مضافا إلى أنّ الحديث المذكور قطعيّ إمّا بالتواتر أو بالتسامع والتظافر ، ولا خفاء في عدم مناسبة إرادة المعتق أو المعتق والجار والحليف وابن العمّ ، وعدم الوجه لإرادة الناصر ؛ لكونه ظاهرا غير محتاج إلى البيان ، سيّما مع كثرة التعب فيه من جهة جمع الناس في يوم كان في غاية الحرّ وغير ذلك ، مع عدم انحصاره في عليّ عليهالسلام لقوله تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (٣). فالمراد هو الأولى بالتصرّف في أمور الناس مثل النبيّ في أمر النشأتين ، وهو معنى الإمامة.
وممّا ذكرنا ظهر وجه اندفاع ما أورد الشارح القوشجي من كون الخبر غير متواتر ، بل مقدوح في صحّته ؛ إذ القطعية ولو بالمعنى كافية ، وهكذا إيراده باحتمال إرادة الناصر والمحبّ ؛ لأنّ بيان مثل ذلك على الوجه المذكور موجب للسفاهة ولا أقلّ من التقبيح ، ولا يدفعه احتمال كون الغرض هو التنصيص على هذا ليكون أبعد من التخصيص الذي تحتمله أكثر العمومات ، وكونه أوفى بإفادة الشرف ؛ حيث قرن
__________________
(١) المعارج (٧٠) : ١.
(٢) « مسند أحمد بن حنبل » ٦ : ٤٠١ ، ح ١٨٥٠٦ ؛ « مجمع البيان » ٣ : ٢٧٤ ؛ « الخصال » ١ : ٣١١ ، باب الخمسة.
(٣) التوبة (٩) : ٧١.