بموالاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أنّ ذلك يقتضي كمال فضله المقتضي لإمامته كما لا يخفى.
وأمّا إيراده بأنّه لو سلّم أنّ المراد بالمولى هو الأولى فأين الدليل على أنّ المراد هو الأولى بالتصرّف والتدبير ، بل يجوز أن يراد الأولى في الاختصاص به والقرب منه كما قال الله تعالى : ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ) (١) ، وكما يقول التلامذة : نحن أولى بأستادنا ، والأتباع : نحن أولى بسلطاننا ؛ ولا يريدون الأولويّة في التدبير والتصرّف ، وحينئذ لا يدلّ الحديث على الإمامة؟
فجوابه أوّلا : أنّ سؤال النبيّ : « ألست أولى بكم من أنفسكم » ، وتفريع قوله : « فمن كنت مولاه » إلى آخره عليه صريح في أنّ المراد هو الأولى بالتصرّف على وجه لا سترة فيه إلاّ على الذين على أبصارهم غشاوة.
وثانيا : أنّ الأولى بمعنى الاختصاص ينسب إلى الداني بالنسبة إلى العالي ، كما في الأمثلة التي ذكرها هذا المتعصّب ؛ إذ يستقبح في العرف جعل العالي مختصّا بالداني كما لا يخفى.
وثالثا : أنّ المراد من المولى بالنسبة إلى عليّ عليهالسلام يجب أن يكون مثل ما هو المراد من المولى بالنسبة إلى النبيّ ؛ لكون أحدهما واقعا في الشرط والآخر في الجزاء ، ولا بدّ من التماثل معنى ليصحّ المجازاة ، ولا ريب أنّ المولى بالنسبة إلى النبيّ ليس إلاّ الأدنى التصرّف في أمر النشأتين فلا بدّ أن يكون المراد منه بالنسبة إلى عليّ عليهالسلام أيضا ذلك بلا تفاوت لتتمّ المجازاة.
ورابعا : أنّ الأولى إذا أطلق يجب حمله على الجميع الشامل لمثل ما نحن فيه سيّما إذا كان مثل ما نحن فيه أظهر كما هو الواقع إلاّ إذا دلّ دليل على خلافه ، كما في بعض الأمثلة التي ذكرها هذا المعاند ؛ إذ التقييد لا بدّ له من دليل ، وهو في المقام مفقود.
__________________
(١) آل عمران (٣) : ٦٨.