وخامسا : أنّ المتبادر من المولى هو السيّد المدبّر في الأمور ولو كان بسبب الكلام أو المقام ؛ لاستبعاد كون المراد بيان الاختصاص على الوجه الذي كان في غاية الصعوبة.
وأمّا إيراده بأنّه لو سلّم فغايته الدلالة على استحقاق الإمامة وثبوتها في المال ، لكن من أين يلزم نفي الأئمّة الثلاثة الباقية قبله؟.
فجوابه أوّلا : أنّ بيان المرتبة للأولى والثانية والثالثة أهمّ من بيان المرتبة الرابعة ، فلو كان للأوّل والثاني والثالث استحقاق لوجب بيانه ؛ إذ إهمال الأمر الواجب ـ الذي لا يستقيم أمر الدين إلاّ به بالنسبة إلى أوّل زمان الحيرة وهو زمان رحلته ـ مستلزم للإغراء بالجهل والرضى بحيرة الأمّة وترك إرشادهم مع أنّه مبعوث له ، مضافا إلى أنّ تارك الواجب سيّما مثل الواجب المذكور لا يستحقّ للنبوّة بل لما هو أدنى منها.
فإن قلت : إنّ المقصود بيان حال الرابع.
قلت : كان الواجب على تقدير كونه رابعا بيان حاله على ما هو حقّه ؛ لئلاّ يلزم ترك الواجب الآخر ، أعني بيان إمامة الأئمّة الثلاثة.
وثانيا : أنّ مراده لو كان ما ذكره لزم الإغراء بالجهل بالنسبة إلى حال عليّ عليهالسلام ؛ إذ لم يبيّن مرتبته مع أنّه في غاية الاحتياج ؛ لأنّه كان رافعا للحيرة والاختلاف اللذين كان المقصود من البعثة رفعهما.
وثالثا : أنّ كلمة « الفاء » وإن كانت جزائيّة لكنّها تفيد التعقيب بلا مهلة أيضا.
[٢٢] ومنها : قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) (١) ؛ لما روي من أنّها نزلت بعد أن نصب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّا للخلافة قبل أن يتفرّق الناس ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضاء الربّ برسالتي أو بالولاية لعليّ من بعدي » ، ثمّ قال : « من كنت مولاه
__________________
(١) المائدة (٥) : ٣.