فعليّ مولاه » (١) إلى آخره ، فتدلّ تلك الآية على حقيقة خلافة عليّ عليهالسلام ، وأنّ ما عدا إمامة أمير المؤمنين من الواجبات ـ أصوليّة كانت أو فروعيّة ـ ليس مثلها ، وأنّها لو لم تكن لم يكن دين كامل ، وأنّها من أصول الدين لا أصول المذهب فقط.
[٢٣] ومنها : قوله تعالى : ( وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ) (٢) ؛ لما روي عن مسند أحمد بن حنبل من أنّه على حين أذن بالآيات من سورة البراءة حين أنفذها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أبي بكر وأتبعه بعليّ فردّه ومضى بها عليّ عليهالسلام وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « قد أمرت أن لا يبلّغها إلاّ أنا أو واحد منّي » (٣).
فيستكشف من هذا أنّ أبا بكر لم يكن قابلا لتبليغ تلك الآيات المعدودة ، فلا يكون قابلا لحفظ جميع أحكام شريعة النبيّ وتبليغها بطريق أولى ، وأنّ القابل هو عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وعدم اختياره أوّلا إنّما هو لدفع توهّم أنّ غيره أيضا قابل ، وليس اختياره عليهالسلام لدفع عدم الاعتناء بحميمه عليهالسلام من جهة أخذ غير حميمه ميثاقه ، كما يتوهّم أنّه كان مقرّرا عند العرب وإلاّ لما كان ترك اختياره أوّلا وجه ؛ إذ لا يتصوّر اختفاء القاعدة المقرّرة في قوم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عليه لو كانت.
[٢٤] ومنها : قوله تعالى : ( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (٤) ؛ لما روي عن الحسن البصري أنّ المراد من « المشكاة » فاطمة ، ومن « المصباح » الحسنان ، ومن « الزجاجة » فاطمة أيضا كأنّها بين النساء كوكب درّيّ ، و « من الشجرة المباركة »
__________________
(١) « مجمع البيان » ٣ : ٢٧٤ ، ذيل الآية ٣ من سورة المائدة (٥).
(٢) التوبة (٩) : ٣.
(٣) « الطرائف » : ٣٨ ـ ٣٩.
(٤) النور (٢٤) : ٣٥.