وكون الأخوّة من المنازل غير قادح ؛ إذ خروج ما هو معلوم الخروج لا ينافي دخول ما ليس كذلك ، مضافا إلى أنّ الحديث يشعر بأنّ عليّا كان قابلا للنبوّة لو كانت ممكنة بعد النبيّ حيث احتاج إلى نفيها.
وقد روي عن مسند أحمد وصحيح البخاري ومسلم : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعليّ عليهالسلام ـ بعد أن جعله خليفة في المدينة عند إرادة غزوة تبوك وقال عليّ عليهالسلام له صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا أرضى أن لا أكون معك » ـ : « أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي؟ » (١).
ولا ريب أنّ ذلك أيضا يدلّ على المطلوب ؛ إذ لو كان المراد مجرّد النيابة في حال الحياة لما كان للاستثناء المشتمل على الحكم بعد الوفاة وجه ، مع أنّه لم يعزله إلى زمان وفاته فيعمّ الأزمان والأمور ؛ لعدم القول بالفصل ، بل الحاجة إلى الخليفة بعد الوفاة أشدّ منه في حال الغيبة.
وبالجملة فحينئذ لا وجه لإنكار تواتر ذلك الحديث كما صدر عن بعض الأشقياء ؛ إذ الفضل ما شهد به الأعداء ، مضافا إلى أنّه قطعيّ بالتظافر لو لم يكن كذلك بالتواتر.
ومنع العموم من أفحش الأغلاط ؛ لمكان الاستثناء الذي هو حقيقة في المتّصل الذي لا يصحّ بدونه كما مرّ.
وادّعاء كون الإجماع على خلافه فاسد ؛ لما سيأتي إن شاء الله.
[٣] ومنها : ما روي عن الجمهور بأجمعهم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا حاصر خيبر بضعا وعشرين ليلة ، وكانت الراية لأمير المؤمنين فلحقه رمد أعجزه عن الحرب ، وخرج مرحب يتعرّض للحرب ، فدعا رسول الله أبا بكر فقال له : « خذ الراية » فأخذها في جمع من المهاجرين فاجتهد ولم يغن شيئا ورجع منهزما ، فلمّا كان من الغد تعرّض
__________________
(١) تقدّم في الصفحة السابقة.