لها عمر فسار قليلا ثمّ رجع يجبّن أصحابه ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « جيئوني بعليّ » فقيل : إنّه أرمد ، فقال : « أرونيه ، تروني رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ليس بفرّار » ، (١) فجاءوا بعليّ عليهالسلام فتفل في يده ومسحها على عينه ورأسه فبرئ ، فأعطاه الراية ففتح الله على يديه وقتل مرحبا ، ولا شكّ أنّ توصيفه صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام بما ذكر يقتضي بقرينة المقام على انتفاء ما ذكر في غيره ، فيكون هو الأفضل ، فيكون هو الإمام.
[٤] ومنها : ما روي عن أنس قال : لمّا كان يوم المباهلة وآخى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بين المهاجرين والأنصار وعليّ واقف يراه ويعرف مكانه ، ولم يؤاخ بينه وبين أحد ، فانصرف عليّ باكي العينين ، فافتقده النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : « ما فعل أبو الحسن؟ » قالوا : انصرف باكي العينين.
قال : « يا بلال اذهب فأتني به » فمضى إليه قد دخل منزله باكي العينين ، فقالت فاطمة : « ما يبكيك لا أبكى الله عينيك؟ » قال : « آخى النبيّ مع المهاجرين والأنصار وأنا واقف يراني ويعرف مكاني لم يؤاخ بيني وبين أحد » ، قالت : « لا يحزنك الله لعلّه إنّما أخّرك لنفسه » ، فقال بلال : يا عليّ ، أجب النبيّ ، فأتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال له : « ما يبكيك يا أبا الحسن؟ » قال : « آخيت بين المهاجرين والأنصار يا رسول الله ، وأنا واقف تراني وتعرف مكاني ولم تؤاخ بيني وبين أحد » ، قال : « إنّما أخّرتك لنفسي ألا يسرّك أن تكون أخا نبيّك؟ » قال : « بلى يا رسول الله أنّى لي بذلك؟ ».
فأخذ بيده فأرقاه المنبر ، فقال : « اللهمّ إنّ هذا منّي وأنا منه إلاّ أنّه بمنزلة هارون من موسى ، ألا من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه » (٢) ، فانصرف عليّ قرير العين فأتبعه عمر ، فقال : بخّ بخّ يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولى كلّ مسلم (٣).
__________________
(١) « مسند أحمد بن حنبل » ١ : ٢١٤ ، ح ٧٧٨ ؛ « سنن ابن ماجه » ١ : ٤٣ ، ح ١١٧ ، المقدّمة.
(٢) « مناقب آل أبي طالب » ٢ : ٢١١ و ٢١٣ ؛ « عمدة عيون صحاح الأخبار » لابن البطريق ١ : ٢١٥ ، الفصل ١٩ ، ح ٢٦٩ ـ ٢٧١ ؛ « الجامع الصحيح » ٥ : ٦٣٦ ، كتاب المناقب ، ح ٣٧٢٠.
(٣) « تاريخ بغداد » ٨ : ٢٩٠.