وعن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « أعلم أمّتي بعدي عليّ بن أبي طالب » (١) ، وقال : « قسمت الحكمة على عشرة أجزاء فأعطي عليّ تسعة وللناس جزء واحد » (٢).
وقد نقل أنّ عالما من اليهود مرّ به عليهالسلام فتعجّب من فصاحته ، وقال : لو أنّك تعلّمت الفلسفة ، لكان يكون منك شأن من شأن ، فقال عليهالسلام : « ما تعني بالفلسفة؟ أليس من اعتدل طباعه صفا مزاجه ، ومن صفا مزاجه قوي أثر النفس فيه ، ومن قوي أثر النفس فيه سما إلى ما يرتقيه ومن سما إلى ما يرتقيه فقد تخلّق بالأخلاق النفسانيّة ، ومن تخلّق بالأخلاق النفسانيّة فقد صار موجودا بما هو إنسان دون أن يكون موجودا بما هو حيوان ، فقد دخل في باب الملكي الصوري وليس له غير هذه الغاية » (٣) ، فزادت حيرة اليهودي فقال : الله أكبر يا بن أبي طالب فقد نطقت بالفلسفة جميعا بهذه الكلمات رضي الله عنك.
بل جميع العلوم مستفادة منه عليهالسلام : أمّا النحو فهو واضعه (٤).
وأمّا الفقه فما للإماميّة بل لقاطبة الشيعة يكون منتهيا إليه عليهالسلام وما لغيرهم أيضا كذلك ؛ لما قيل من أنّ أحمد بن حنبل أخذه من الشافعي ، وهو من أبي حنيفة ، وهو من الصادق ، ولا شبهة أنّ علم الصادق منه عليهالسلام وأنّ مالكا أخذه من ربيعة الرازي وهو من عكرمة وهو من عبد الله بن عبّاس وهو منه عليهالسلام.
وأمّا الكلام فلأنّ العامّة بل كلّ الشيعة أخذوا منه ، والمعتزلة انتسبوا إلى واصل بن عطاء وهو تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمّد بن الحنفيّة ، وهو تلميذ أبيه ، وهو تلميذ عليّ والأشعريّة تلامذة أبي الحسن عليّ بن أبي بشر الأشعري ، وهو تلميذ أبي علي الجبائي وهو شيخ من مشايخ المعتزلة. كذا قيل.
ولا بدّ من دفع ما يرد من أنّ المذهبين الأخيرين فاسدان ، فكيف يصحّ كونهما
__________________
(١) المصدر السابق : ٤٠.
(٢) المصدر السابق : ٤٠.
(٣) « الصراط المستقيم » ١ : ٢١٣ ، الفصل ١٨.
(٤) « الخصائص » ٣ : ٣٠٩ ـ ٣١٠.