ومنها : أنّه كان أفضل ؛ لكثرة جهاده وعظم بلائه في وقائع النبيّ صلىاللهعليهوآله بأجمعها ، ولم يبلغ أحد درجته في غزوة بدر ، حيث قتل بنفسه نصف المشركين ، وقتل النصف الآخر غيره من المسلمين وثلاثة آلاف من الملائكة المسوّمين ، وفي غزوة أحد حيث قتل تسعة نفر من أصحاب الراية واحدا بعد واحد ، فانهزم المشركون ، واشتغل المسلمون بالغنائم ، فحمل خالد بن الوليد بأصحابه على النبيّ صلىاللهعليهوآله فضربوه بالسيوف والرماح والحجر حتّى غشي عليه ، فانهزم الناس عنه سوى عليّ عليهالسلام فينظر النبيّ صلىاللهعليهوآله إليه بعد إفاقته وقال له : « اكفني هؤلاء » (١) ، فهزمهم عنه فكان أكثر المقتولين منه.
وفي يوم الأحزاب حيث قتل عمرو بن عبد ود وأحكم بنيان الإيمان ، وغير ذلك من الوقائع المأثورة والغزوات المشهورة ، فيكون عليّ عليهالسلام أفضل ؛ لقوله تعالى : ( فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً ) (٢) فيكون هو الإمام لا غيره ؛ لقبح ترجيح المفضول والجاهل ، ولكن مثله عليهالسلام ـ كما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ مثل عيسى حيث أبغضه اليهود ، وقال النصارى في حقّه ما ليس حريّا له من كونه إلها (٣) ، فإنّ الغلاة قالوا بإلهيّته عليهالسلام ، والنواصب أبغضوه ، وغيرهم من العامّة خذلوه ؛ ولهذا قال عليهالسلام ـ كما روي عنه ـ : « الدهر أنزلني أنزلني حتّى قيل : معاوية وعلي » (٤). ونعم ما حكي عن الشافعي من أنّه قال :
أنا عبد لفتى أنزل فيه هل أتى |
|
إلى متى أكتمه أكتمه إلى متى (٥) |
وبالجملة إن أردنا بيان أوصافه يعجز اللسان عن تقريرها ويكلّ لسان القلم عن
__________________
(١) « الإرشاد » للمفيد ١ : ٨٢ ؛ « كشف المراد » : ٣٨٢.
(٢) النساء (٤) : ٩٥.
(٣) « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ٢١٩ ؛ « الفردوس بمأثور الخطاب » ٥ : ٣١٩ ، الرقم ٨٣٠٩.
(٤) انظر في هذا المعنى : « بحار الأنوار » ٣٣ : ٨٧.
(٥) « روضة الواعظين » ٢ : ١٣١ ، مجلس في ذكر فضائل أمير المؤمنين.