لي شيطانا يعتريني ، فإن أصبت أعينوني ، وإن عصيته جنّبوني ، وبيانه كما في المتقدّم من أنّه إن كان صادقا لم يصلح للإمامة ، وإن كان كاذبا لم يصلح أيضا ، لانتفاء العصمة.
وأجيب بأنّه على تقدير صحّته قصد به التواضع وهضم النفس ، وقد ورد في الحديث « أنّ كلّ مولود له شيطان » (١). وقوله : « عصيته » شرطيّة لا يقتضي صدقها وقوع الطرفين.
[٥] ومنها : ما أشار بقوله ( ولقول عمر : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرّها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ) (٢) ، يعني أنّها لو كانت فجأة عن خطإ لا عن تدبير وتأمّل.
وأجيب بأنّ المعنى أنّها كانت فجأة وبغتة وقى الله شرّ الخلاف الذي كاد يظهر عندها ، فمن عاد إلى مثل تلك المخالفة الموجبة لتبديل الكلمة ، فكيف يتصوّر منه القدح في إمامة أبي بكر ، مع ما علم من مبالغته في تعظيمه وانعقاد البيعة له ومن صيرورته خليفة باستخلافه؟
[٦] ومنها : أنّه ( شكّ عند موته في استحقاقه للخلافة ) (٣) ؛ حيث قال : وددت أنّي سألت النبيّ صلىاللهعليهوآله عن هذا الأمر فيمن هو؟ وكنّا لا ننازع أهله.
وأجيب بمنع صحّة الخبر ، وعلى تقدير صحّته أراد به المبالغة في طلب الحقّ ونفي الاحتمال البعيد.
[٧] ومنها : أنّه ( خالف الرسول في الاستخلاف عندهم ) (٤) والرسول مع أنّه أعرف
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٦٧ : ٤٠ ـ ٤١ ، وفيه : « ما منكم من أحد إلاّ وله شيطان ».
(٢) « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ٢ : ٢٣ و ٢٦ ؛ « الاحتجاج » ٢ : ٣١٩ ؛ « عيون أخبار الرضا » ٢ : ٢٣١ باب ٥٧ ، ح ١ ؛ « إثبات الهداة » ٤ : ٣٠١ ، الرقم ١٠١.
(٣) « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ٢٦٥ ؛ « مروج الذهب » ٢ : ٣٠٨ ـ ٣٠٩ ؛ « تأريخ اليعقوبي » ٢ : ٢٤ ـ ٢٥ ؛ « إثبات الهداة » ٤ : ٣٠١ ، الرقم ١٠٢.
(٤) حيث نصّ على عمر بالخلافة من بعده ، فخالف رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ على زعمهم ـ لأنّه كان يزعم أنّه لم يستخلف النبيّ أحدا من بعده ، وهو قد استخلف عمر من بعده وترك الشورى!