الأرض حلالا على آدم عليهالسلام وحوّاء ، وحرّم أكل بعض الحيوانات على نوح عليهالسلام ، وأنّ الختان كان جائزا لنا حراما على نوح ، وصار واجبا فوريّا على من تأخّر عنه من الأنبياء ، وأنّ الجمع بين الأختين كان حلالا في شريعة آدم ونوح عليهماالسلام وصار حراما في شريعة موسى عليهالسلام كما في شريعتنا.
وأمّا الحلّ فبأنّ حسن الأشياء وقبحها على قسمين : ذاتي ، وعرضي ، فقد يصير الحسن بالذات قبيحا بالعرض كالصدق الضارّ ، وبالعكس كالكذب النافع ، فبحسب المصالح يختلف الحال ، فلعلّ الملل المنسوخة كانت في زمانها فيها مصلحة اقتضت وضعها ، ولمّا انتفت تلك المصلحة في الزمان المتأخّر عنه ، بل اقتضت المصلحة خلافها ونسخت ووضعت خلافهما.
فيمكن أن تكون المنسوخة قبيحة بالذات ، حسنة بالعرض ، والناسخة بالعكس في زمان المنسوخة ، ولمّا انتفت المصلحة الموجبة لحسن المنسوخة القبيحة ، وقبح الناسخة الحسنة ، حكم بمقتضى حكم الحسن والقبح الذاتيّين بالنسبة إلى الناسخ والمنسوخ ؛ لأنّ الضرورة تتقدّر بقدرها ، كما في أكل الميتة عند الضرورة ، ويمكن أن يكون الأمر بالعكس ، فلمّا تحقّقت المصلحة الموجبة لقبح المنسوخة الحسنة ، وحسن الناسخة القبيحة ، حكم بمقتضى الحسن والقبح العرضيين المقتضي أوّلهما وجود المصلحة في الناسخ ، وثانيهما تحقّق المفسدة في المنسوخ ، فلا إشكال.
فإن قلت : إنّ اليهود أخبروا عن موسى عليهالسلام قوله : « تمسّكوا بالسبت أبدا » فما دام السبت باقيا كانت شريعة موسى عليهالسلام باقية.
قلت أوّلا : إنّه غير ثابت النقل منهم ، بل هو موضوع أوقع بين اليهود.
والدليل على ذلك أنّه لو كان ثابتا لوجب محاجّة اليهود مع النبيّ صلىاللهعليهوآله بذلك ، ولو وقعت المحاجّة لنقلت ، ولم تنقل.
ولو سلّمنا بثبوته بين اليهود ، نمنع صدوره عن موسى عليهالسلام ؛ لعدم اتّصال عدد