القرآن على ما روي من ترّهات مسيلمة الكذّاب : الفيل ما الفيل ، وما أدراك ما الفيل ، له ذنب وبيل ، وخرطوم طويل.
وذهب النظّام ، وكثير من المعتزلة ، والمرتضى من الشيعة إلى أنّ إعجازه بالصرفة ، وهي أنّ الله تعالى صرف همم المتحدّين عن معارضته مع قدرتهم عليها ؛ وذلك إمّا بسلب قدرتهم ، أو بسلب دواعيهم.
واحتجّوا بوجهين :
الأوّل : أنّا نقطع بأنّ فصحاء العرب كانوا قادرين على التكلّم مثل مفردات السورة ومركّباتها القصيرة مثل : الحمد لله ، ومثل : ربّ العالمين ، وهكذا إلى الآخر ، فيكونون قادرين على الإتيان بمثل السورة.
والثاني : أنّ الصحابة عند جمع القرآن كانوا يتوقّفون في بعض السور والآيات إلى شهادة الثقات ، وابن مسعود قد بقي متردّدا في الفاتحة والمعوّذتين ، ولو كان نظم القرآن معجزا لفصاحته لكان كافيا في الشهادة.
والجواب عن الأوّل : أنّ حكم الجملة قد يخالف حكم الأجزاء ، وهذه بعينها شبهة من نفى قطعيّة الإجماع والخبر المتواتر ، ولو صحّ ما ذكر لكان كلّ من آحاد العرب قادرا على الإتيان بمثل قصائد فصحائهم كامرئ القيس وأقرانه ، واللازم قطعي الدلالة (١).
وعن الثاني بعد صحّة الرواية وكون الجميع بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا في زمانه وكون كلّ سورة مستقلّة بالإعجاز ـ أنّ ذلك للاحتياط والاحتراز عن أدنى تغيير لا يخلّ بالإعجاز ، وأنّ إعجاز كلّ سورة ليس ممّا يظهر لكلّ أحد بحيث لا يبقى له تردّد أصلا.
واستدلّ على بطلان الصرفة بوجوه :
الأوّل : أنّ فصحاء العرب إنّما كانوا يتعجّبون عن حسن نظمه وبلاغته وسلاسته
__________________
(١) كذا في الأصل ، وفي المصدر : « البطلان » بدل « الدلالة ».