بِكُمْ ) (١) وهو مشتمل على المعاني البديهيّة ، كما في قوله : ( وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ ) (٢) وعلى غير الواقع ، مثل ما دلّ على أن آمن ذا القرنين ، مع أنّ المستفاد من كتب التواريخ ونحوها أنّه لم يؤمن ، بل كان صنميّا ـ وعلى الاختلاف الذي حملوه على الناسخ والمنسوخ اللذين ليسا في التوراة والإنجيل حتّى أنّ الإنجيل [ جاء ] لتكميل التوراة من غير أن يكون ناسخا.
ولا ريب أن الاختلاف غير جائز من الله العالم بجميع الأشياء بحسب الماضي والحال والاستقبال.
والحاصل : أنّ من علم نبوّة أحد ثمّ رأى منه نحو تلك الأقوال والأعمال لا بدّ له من تأويلها. وأمّا من لم يكن عالما بنبوّة شخص ورأى منه نحو ما ذكر من الأمور المنكرة يحصل له اليقين بعدم نبوّته ، ولو صدر منه أمر غريب يحكم بأنّه ليس من الله.
والجواب عن نفي البلاغة واضح ممّا مرّ ، فإنّ حسن نظم القرآن وترتيبه حسّي لا يحتاج إلى البيان سيّما بعد ملاحظة العجز عن الإتيان بمثله لبلغاء عدنان وقحطان ، وأنّ المعاندين تركوا المقابلة بالحروف وارتكبوا المقاتلة بالسيوف.
وبالجملة : بلاغة الكلام إنّما هي بسبب كونه بمقتضى المقام ، ولو كان على خلاف النظم الطبيعيّ والترتيب الظاهريّ ، بسبب كونهما من أسباب تغيّر المخاطب وتحرّك سبب شرّه وعدم قبوله الحقّ ، وبين البلاغة والترتيب الطبيعيّ عموم من وجه ، والمعترض لم يدركها بوجه.
وعن الاشتمال على التكرار : أنّ التكرار لفائدة ومناسبة مطلوب في العرف والعادة ، سيّما في مقام الإرشاد والهداية وإتمام الحجّة ، كما لا يخفى على من له أدنى
__________________
(١) النحل (١٦) : ١٥.
(٢) البقرة (٢) : ٩٢.