نفس النبي ... صلوات الله عليهم أجمعين ...
قوله (٣٦٧) :
( الثاني : خبر الطير ... وأجيب : بأنه لا يفيد كونه أحبّ إليه في كل شيء ... ).
أقول :
كلامه ظاهر كل الظهور في أن لا شبهة في سند هذا الحديث ولا في دلالته إلاّ من الناحية التي ذكرها ، فلا يدل على الأفضلية مطلقاً ، وإذا زالت الشبهة المزبورة انقطع الكلام ، لكنها في غاية السقوط عند أهل العلم ، فإن العام أو المطلق مع عدم القرينة على التخصيص أو التقييد يفيد العموم أو الإطلاق ، ولذا كانت كلمة الشهادة دالةً على التوحيد ، مع أنها بالنظر إلى الشبهة المذكورة ـ لإمكان الاستفصال بأنه لا إله إلاّ الله في السماء أو في الأرض مثلاً ـ غير مفيدة لنفي الشريك مطلقاً ـ وهذا لا يقوله مسلم.
على أنه لو كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد الأحبّ في شيء دون شيء لجاء مع علي عليهالسلام أناس آخرون يكونون أحب إليه في بعض الأمور ، بل لا يكون لدعائه فائدة ، لأنّ حال علي حينئذ كسائر المؤمنين الذين يحبهم الله في بعض أعمالهم ، ففي أيّ شيء كان تأثير دعائه صلىاللهعليهوآلهوسلم المستجاب قطعاً؟
مضافاً إلى أن الحديث في بعض ألفاظه نص في الأفضلية من الكلّ من جميع الجهات ، ففي رواية الفقيه ابن المغازلي الشافعي بسنده : « فقال : اللهم أدخل عليّ أحبّ الخلق من الأولين وألآخرين يأكل معي من هذا الطائر ... » (١).
__________________
(١) مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي : ١٥٦.