الإستدلال.
وسقط أيضاً النقض بالإمام المعصوم الغائب ، ولعل منشأه الغفلة عن حقيقة الإمامة ، وتوهّم كونها السلطنة الظاهرية فحسب ... وقد عرفت أنها منصب إلهي كالنبوة ، فكما أن النبوة قد تجتمع مع السلطنة الدنيوية والحكومة الظاهرية وقد تفترق عنها والنبوة باقية ، كذلك الإمامة ... و « البعث » و « النصب » من الله في جميع الأحوال على حاله ، و « النبي » و « الامام » باقيان على النبّوة والإمامة ... وعلى الناس الإنقياد لهما والتسليم لأوامرهما ونواهيهما ... ولا إلجاء من الله كما عرفت ، فإن فعلوا إجتمعت الرئاستان وتمّ اللطف ، وإلاً افترقتا ولم تبطل النبوة والإمامة ، بل خسرت الأمة فوائد بسط اليد ونفوذ الكلمة منهما ... على أنّ وجود النبي أو الإمام الفاقد للسلطنة الظاهرية ينطوي على بركات وآثار ، حتى ولو كان غائباً عن الأبصار ...
هذا موجز الكلام في بيان الإستدلال بقاعدة اللطف ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى الكتب الكلامية لأصحابنا الإمامية ، كالذخيرة والشّافي وتلخيصه وتجريد الإعتقاد وشرحه وغيره من كتب العلامة الحلّي وشروحها وغير ذلك ...
واستدل أيضاً : بأنه قد ثبت أن شريعة نبيّنا عليه وآله السلام مؤبدة ، وأن المصلحة لها ثابتة إلى قيام الساعة لجميع المكلّفين. وإذا ثبت هذا فلا بدّ لها من حافظ ، لأنّ تركها بغير حافظ إهمال لها ، وتعبّد للمكلّفين بما لا يطيقونه ويتعذّر عليهم الوصول اليه.
وليس يخلو الحافظ لها من أن يكون جميع الأمّة أو بعضها.
وليس يجوز أن يكون الحافظ لها الأمة ، لأن الأمّة يجوز عليها السّهو والنسيان وارتكاب الفساد والعدول عمّا علمته.
فإذن ، لا بدّ لها من حافظ معصوم يؤمن من جهته التغيير والتبديل والسهو ، ليتمكّن المكلّفون من المصير إلى قوله.