تكن مخالفته عن الاجتهاد فلا يضرّ الإجماع ...
فإن قلت : فحينئذٍ قد مات هو رضي الله عنه شاقّ عصا المسلمين مفارق الجماعة وقد قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وأصحابه وسلّم : لم يفارق الجماعة أحد ومات إلاّ مات ميتة الجاهلية. رواه البخاري. والصحابة لا سيّما مثل سعد برآء عن موت الجاهلية.
قلت : هب أنّ مخالفة الإجماع كذلك ، إلاّ أنّ سعداً شهد بدراً على ما في صحيح مسلم ، والبدريّون غير مؤاخذين بذنب ، مثلهم كمثل التائب وإن عظمت المصيبة ، لما أعطاهم الله تعالى من المنزلة الرفيعة برحمته الخاصة بهم. وأيضاً : هو عقبي ممّن بايع في العقبة ، وقد وعدهم رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وأصحابه وسلّم الجنّة والمغفرة. فإيّاك وسوء الظنّ بهذا الصنيع. فاحفظ الأدب ... » (١).
ولو تنزّلنا عن قضية سعد بن عبادة ، فما الجواب عن تخلّف الصدّيقة الزهراء عليهاالسلام؟! وهي من الصحابة ، بل بضعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فإذا كان الصحابة ـ لا سيّما مثل سعد ـ برآء عن موت الجاهلية ، فما ظنّك بالزهراء التي قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني » (٢) وقال : « فاطمة بضعة منّي ، يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها » (٣). وقال : « فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة إلاّ مريم بنت عمران » (٤) هذه الأحاديث التي استدلّ بها الحافظ السهيلي وغيره من الحفّاظ على أنّها أفضل من الشيخين فضلاً عن غيرهما (٥).
__________________
(١) فواتح الرحموت ـ شرح مسلّم الثبوت ٢/٢٢٣ ـ ٢٢٤.
(٢) فيض القدير ٤/٤٢١ عن البخاري في المناقب.
(٣) فيض القدير ٤/٤٢١.
(٤) فيض القدير ٤/٤٢١.
(٥) فيض القدير ٤/٤٢١.