بل الثابت عدمه ... وذلك لوجوه عديدةٍ يستخرجها الناظر المحقّق في القضيّة وملابساتها من خلال كتب الحديث والتاريخ والسيرة ... وهي وجوه قويّة معتمدة ، تفيد ـ بمجموعها ـ أنّ القضيّة مختلقة من أصلها ، وأنّ الذي أمر أبابكر بالصلاة في مقام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أيّام مرضه ليس النبي بل غيره ...
فلنذكر تلك الوجوه باختصار :
لقد أجمعت المصادر على قضية سرية أُسامة بن زيد ، وأجمعت على أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر مشايخ القوم : أبابكر وعمرو ... وبالخروج معه ... وهذا أمر ثابت محقّق ... وبه اعترف ابن حجر العسقلاني في ( شرح البخاري ) وأكّده بشرح « باب بعث النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أُسامة بن زيد رضي الله عنهما في مرضه الذي توفّي فيه « فقال : « كان تجهيز أسامة يوم السبت قبل موت النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بيومين ... فبدأ برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجعه في اليوم الثالث ، فعقد لأُسامة لواءً بيده ، فأخذه أسامة فدفعه إلى بريدة وعسكر بالجرف ، وكان ممّن انتدب مع اُسامة كبار المهاجرين والانصار منهم أبوبكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم ، فتكلّم في ذلك قوم ... ثمّ اشتدّ برسول الله وجعه فقال : أنفِذوا بعث أُسامة.
وقد روي ذلك عن الواقدي وابن سعيد وابن إسحاق وابن الجوزي وابن عساكر ... » (١).
__________________
(١) فتح الباري ٨/١٢٤.