فيه : أنه إنما يدفع الضرر المظنون به إذا كان معصوماً ، والعصمة لا يعلمها إلا الله ، ولذا قلنا بوجوب نصب الإمام على الله ووجوب النصّ عليه منه ، وأما تفويض النصب إلى الخلق فإنه يوجب الإختلاف ويؤدي إلى الضرّر المطلوب زواله.
وأما الكتاب فقد قال تعالى : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتّمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريّتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) (١).
أمّا « الظالم » فهو « عنه أهل اللغة وكثير من العلماء : واضح الشيء في غير موضعه » (٢). وغير المعصوم كذلك كما هو واضح ، وأما « العهد » فالمراد منه ـ كما ذكر المفسّرون (٣) ـ هو « الإمامة » فمعنى الآية : أنّ غير المعصوم لا يناله الإمامة.
فأين الجواب الذي ذكره عن هذا الإستدلال؟
وأمّا السنّة فأحاديث كثيرة :
منها : حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين فإنه نص في وجوب متابعة الأئمة من عترة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته ... لكونهم معصومين ... فهو يدلّ على وجوب عصمة الإمام ... وهذا هو الحديث كما أخرجه مسلم بسنده عن زيد بن أرقم قال :
« قال رسول الله يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خّماً بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثم قال : أما بعد ، ألا يا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ، أوّلهما : كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثمّ قال : وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ... » (٤).
__________________
(١) سورة البقرة ١٢٤.
(٢) قاله الراغب في المفردات : ٣١٥.
(٣) الرازي ٣/٤٠ ، البيضاوي : ٢٦ ، أبو السعود ١/١٥٦.
(٤) صحيح مسلم ٧/١٢٢ باب فضل علي. وهذا الحديث تجده في سائر المسانيد والسنن وجوامع