قلت : المعنى إنه بينّ كل شيء من أمور الدين حيث كان نصاً على بعضها ، وإحالة على السنّة حيث أمر باتّباع رسول الله عليه وسلّم وطاعته ، وقال ( وما ينطق عن الهوى ) وحثاً على الاجماع في قوله ( يتبع غير سبيل المؤمنين ) وقد رضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأُمته اتّباع أصحابه والاقتداء بآثاره في قوله : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وقد اجتهدوا وقاسوا ووطئوا طريق القياس والاجتهاد ، فكانت السنة والاجماع والقياس مستندة إلى تبيين الكتاب ، فمن ثمّ كان تبياناً لكلّ شيء (١).
وقوله : وقد رضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ إلى قوله ـ اهتديتم ، لم يقل ذلك رسول الله صلّى اله عليه وسلّم وهو حديث موضوع لا يصح بوجه عن رسول الله.
قال الحافظ أبو محمد بن أحمد بن حزم في رسالته ( إبطال الرأي والقياس والاستحسان والتعليل والتقليد ) ما نصه : وهذا خبر مكذوب عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مما في أيدي العامة ترويه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال : إنما مثل أصحابي كمثل النجوم ـ أو كالنجوم ـ بأيّها اقتدوا اهتدوا.
وهذا كلام لم يصح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، رواه عبدالرحيم بن زيد العمّي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. وإنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبدالرحيم ، لأن أهل العلم سكتوا عن الرواية لحديثه. والكلام أيضاً منكر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يثبت ، والنبي صلّى الله عليه وسلّم لا يبيح الاختلاف من بعده من أصحابه. هذا نص كلام البزار.
قال ابن معين : عبدالرحيم بن زيد كذّاب ليس بشيء ، وقال البخاري هو متروك.
__________________
(١) هذا كلام الزمخشري في الكشاف ٢/٦٢٨.