وتوضيح الوجه الثامن هو : إنّ هذه الآية نزلت في يوم غدير خم ، بعد أن خطب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ونصّ فيها على إمامة أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، وأوصى الأمة بالتمسّك بالثقلين وهما الكتاب والعترة ... وقد روى ذلك كبار الحفّاظ وأئمة الحديث والتفسير من أهل السنة في كتبهم ... فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ما مات بلا وصية ، بل أوصى ، وكانت وصيته بالكتاب وعترته أهل بيته ... (١) وكان النص ... ولا تفويض إلى الإختيار ...
قال (٢٥٧) :
( خاتمة ـ عقد الإمامة ينحلّ بما يخلّ بمقصودها كالرّدة ... ).
أقول :
هذه أحكام إمامة البيعة والاختيار ... ولا يخفى أنهم يقولون بانحلاله في حال ( الاقتدار ) وأما في حال ( الاضطرار ) فيقولون بإمامة ( المرتد ) ولكن ما هو ملاك ( الاقتدار ) و ( الاضطرار )؟ ومن المرجع في تشخيصه؟ ومن العجب أنّهم يشترطون في الامامة ( العدالة ) كما عرفت ، ثم يختلفون في انعزاله بالقسق ، قال : ( والأكثرون على أنّه ينعزل ، وهو المختار من مذهب الشّافعي وأبي حنيفة ، وعن محمد روايتان. ويستحق العزل بالاتفاق ).
وأيضاً : يشترطون العقل ثم يجوّزون إمامة المجنون غير المطبق كما هو مفاد التقييد بالمطبق.
ثم إنّ المتسلّط بالقهر والغلبة إمام عندهم ... ولذا ذكروا حكمه ( ومن صار إماماً بالقهر والغلبة ينعزل بأن يقهره آخر ويغلبه ). ولكن هل المراد من هذه الإمامة ( الخلافة عن النّبي )؟
__________________
(١) ذكر حديث الغدير وحديث الثقلين في الكتاب وتوضيح الاستدلال بكلّ منهما في موضعه. وأما نزول الآية المباركة يوم الغدير فرواه من أئمّة أهل السنة جماعة كما ستعلم.