وسيأتي كلام الغزالي الذي أورده السّعد في أن الفضل للعلم والتقوى ...
وهو لم يجب عن هذه الموارد إلاّ أنْ قال :
( والجواب ـ بعد التسليم ـ إنّ هذا لا يقدح في الاجتهاد ، فكم مثله للمجتهدين ).
أمّا قوله « من التسليم » فلم نفهم وجهه؟ إنْ كان يشكّك في ثبوتها فلماذا لم يصرّح ولم يبيّن؟ إنّه لا حاجة إلى إيراد أخبار تلك الموارد بعد إذعان الكلّ بها حتّى شيخه العضد ، فإنّه بعد أن ذكر قضية إحراق الفجائة ، وقطع يسار السارق ، والجهل بميراث الجدّة ... (١) لم يناقش في ثبوتها ...
وأمّا قوله ( إنّ هذا لا يقدح في الاجتهاد فكم مثله للمجتهدين ). ففيه : أيّ اجتهاد هذا؟ إن قلنا : كيف طرح نصّ الكتاب بخبر واحد مفروض اختص به؟ قالوا : اجتهد. وإنْ قلنا : كيف خالف الشرع في قطع يد السارق؟ قالوا : اجتهد وإنْ قلنا : كيف يكون إماماً وهو يجهل حكم الإرث ومعنى لفظ الأب؟ قالوا : انه مجتهد ، والجهل لا يقدح في الاجتهاد ، فكم مثله للمجتهدين؟
ولو سلّم أنّ « الجهل » غير قادح ، فهلاّ توقف عن الحكم في قطع يد السّارق ـ كما توقف عن الجواب عن الارث حتى وجد الحكم عند المغيرة بن شعبة اللّعين ، وعن معنى الأب ـ فلم يقطع حتى يسأل؟ وهل الاجتهاد عذر؟ لو كان عذراً فلماذا أوقع الذنب على الجلاّد؟ أو وجّهوا الحكم بـ « لعلّه ... ولعلّه ... » كما لا يخفى على من راجع ( المواقف ) و ( الصواعق )؟ حتى اضطرّ بعضهم في ( حواشيه على شرح العقائد النسفيّة ) إلى أن يقول : « قد قطع يسار السارق وهو خلاف الشرع ، والظاهر أنّ القضاء بغير علم ذنب ، وما كان هو معصوماً »!
لكنّ عليّاً عليهالسلام ما خالف الكتاب والسنة في مورد ، وما جهل بحكم ولا لفظ ، بل ادعى الأعلميّة ـ وهو الصادق المصدّق ـ واعترف له بذلك كبار
__________________
(١) شرح المواقف ٨/٣٥٧.