أعمى ، وقد عقد أبو داود في ( سننه ) باباً بهذا العنوان فروى فيه هذا الخبر ... وهذه عبارته : « باب إمامة الأعمى حدّثنا محمّد بن عبدالرحمن العنبري أبو عبدالله ، ثنا ابن مهدي ، ثنا عمران القطّان ، عن قتادة ، عن أنس : أنّ النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم استخلف ابن أُمّ مكتوم يؤمّ الناس وهو أعمى » (١) ... فهل يقول أحد بإمامة ... ابن أُمّ مكتوم لأنّه استخلفه في الصلاة؟!
ولقد اعترف بما ذكرنا ابن تيميّة ـ الملقب بـ « شيخ الإسلام » ـ حيث قال : « الاستخلاف في الحياة نوع نيابة لابدّ لكلّ وليّ أمر ، وليس كلّ من يصلح للاستخلاف في الحياة على بعض الأمّة يصلح أنْ يستخلف بعد الموت ، فإنّ النبي استخلف غير واحد ، ومنهم من لا يصلح للخلافة بعد موته ، كما استعمل ابن أُمّ مكتوم الأعمى في حياته وهو لا يصلح للخلافة بعد موته ، وكذلك بشير بن عبدالمنذر وغيره » (٢).
بل لقد رووا أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم خلف عبدالرحمن بن عوف وهو ـ لو صحّ ـ لم يدلّ على استحقاقه الخلافة من بعده ، ولذا لم يدّعها أحد له ... لكنّه حديث باطل لمخالفته للضرورة القاضية بأنّ النبي لا يصلّي خلف أحد من أُمّته ... فلا حاجة إلى النظر في سنده.
وعلى الجملة ، فإنّه لا دلالة لحديث أمر أبي بكر بالصلاة ، ولا لحديث صلاته صلىاللهعليهوآلهوسلم خلفه حتّى لو تمّ الحديثان سنداً ...
وأمّا سائر الدلالات الاعتقادية والفقهية والأُصولية ... التي يذكرونها مستفيدين إياّها من حديث الأمر بالصلاة في الشروح والتعاليق ... فكلّها متوقفة على ثبوت أصل القضية وتماميّة الأسانيد الحاكية لها ... وقد عرفت أنْ لا شيء من تلك الأسانيد بصحيح ، فأمره صلىاللهعليهوآلهوسلم في مرضه أبابكر بالصلاة في موضعة غير ثابت ...
__________________
(١) سنن أبي داود ١/٩٨.
(٢) منهاج السنة ٤/٩١