وأمّا أنت يا عثمان لروثة خير منك ، ولئن وليّتها لتحملنّ بني أبي معيط على رقاب الناس ولئن فعلتها لتقتلنّ ، ثلاث مرات.
وأما أنت يا عبدالرحمن فإنّك رجل عاجز تحب قومك جميعاً.
وأمّا أنت يا سعد فصاحب عصبيّة ومقنب وقتال ، لا تقوم بقربة لو حملت أمرها.
وأمر أنت يا علي فوالله لو وزن إيمانك بإيمان أهل الأرض لرجحهم.
فقام علي مولياً يخرج ، فقال عمر : والله إنّي لأعلم مكان الرجل ، لو وليّتموه أمركم حملكم على المحجة البيضاء ، قالوا : من هو؟ قال : هذا المولى عنكم ، إنْ ولّوها الأجلح سلك بكم الطريق المستقيم. قالوا : فما يمنعك من ذلك؟ قال : ليس إلى ذلك سبيل. قال له ابنه عبدالله : فما يمنعك منه؟ قال : أكره أن أتحمّلها حياً وميّتاً ، وفي رواية : لا أجمع لبني هاشم بين النبوة والخلافة.
وكيف وصف كلّ واحد بوصف قبيح كما ترى زعم أنه يمنع من الامامة ، ثم جعل الأمر فيمن له تلك الأوصاف ، وأيّ تقليد أعظم من الحصر في ستة ثم تعيين من أختاره عبدالرحمن ، والأمر بضرب رقاب من يخالف منهم؟
وكيف أمر بضرب أعناقهم أن تأخّروا عن البيعة أكثر من ثلاثة أيّام؟ ومن المعلوم أنّهم لا يستحقّون ذلك ، لأنّهم إن كلّفوا أن يجتهدوا آراءهم في اختيار الامام ، فربما طال زمان الاجتهاد وربما نقص ، بحسب ما يعرض فيه من العوارض ، فكيف يسوغ الأمر والقتل إذا تجاوزت الثلاثة؟ ثم أم بقتل من يخالف الأربعة ، ومن يخالف الذي العدد فيه عبدالرحمن وكل ذلك ممّا لا يستحق به القتل.
ومن العجب اعتذار قاضي القضاء بأنّ المراد القتل إذا تأخّروا على طريق شق العصى وطلبوا الأمر من غير وجهه ، فإنّ هذا مناف لظاهر الخبر ، لأنّهم إذا شقّوا العصى وطلبوا الأمر من غير وجهه أول الأمر وجب قتالهم » (١).
__________________
(١) نهج الحق وكشف الصدق : ٢٨٥ ـ ٢٨٨.