فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمربخروج أبي بكر مع أُسامة ، وقال في آخر لحظةٍ من حياته : « أنفِذوا بعث أُسامة » بل في بعض المصادر « لعن الله من تخلّف عن بعث أُسامة » (١).
هذا أوّلاً :
وثانياً : لقد جاء في صريح بعض الروايات كون أبي بكر غائباً عن المدينة. ففي ( سنن أبي داود ) عن ابن زمعة : « وكان أبوبكر غائباً ، فقلت : يا عمر ، قم فصلّ بالناس ».
وثالثاً : في كثير من ألفاظ الحديث « فأرسلنا إلى أبي بكر » ونحو ذلك ، ممّا هو ظاهر في كونه غائباً.
وعلى كلّ حال فالنبي الذي بعث أُسامة ، وأكّد على بعثه ، بل لعن من تخلفّ عنه ... لا يعود فيأمر بعض من معه بالصلاة بالناس ، وقد عرفت أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا غاب أو لم يمكنه الحضور للصلاة استخلف واحداً من المسلمين وإنْ كان ابن أُمّ مكتوم الأعمى.
وكما ذكرنا فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ما كان يستخلف للصلاة إلاّ في حال خروجه عن المدينة ، أو في حالٍ لم يمكنه الخروج معها إلى الصلاة ... وإلاّ فقد كان صلىاللهعليهوآلهوسلم ملتزماً بالحضور بنفسه ... ويدّل عليه ما جاء في بعض الأحاديث أنّه لَمّا ثقل قال : « أصلّى الناس؟ قلنا : لا ، هم ينتظرونك. قال : ضعوا لي ماءً ... » فوضعوا له ماءً فاغتسل ، فذهب لينوء
__________________
(١) شرح المواقف ٨/٣٧٦ الملل والنحل ١/٢٩ لأبي الفتح الشهرستاني ، المتوفّى سنة ٤٥٨ هـ ، توجد ترجمته والثناء عليه في : وفيات الأعيان ١/٦١٠ ، تذكرة الحفّاظ ٤/١٠٤ طبقات الشافعية للسبكي ٤/٨٧ ، شذرات الذهب ٤/١٤٩ ، مرآة الجنان ٣/٢٨٩ وغيرها.