وبالفعل ... فقد كان لعلم الكلام وأساليبه الصحيحة المستندة الى الكتاب والسنة والعقل السليم الاثر البالغ في تقدم مذهب الامامية وتشيّع الأمم ...
ويكفينا ـ في هذا المجال ـ ذكر سبب تشيع أهالي جبل عامل (١) عن أحد كبار علماء تلك المنطقة :
« روي أنّه لمّا مات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لم يكن من شيعة علي عليهالسلام إلاّ أربعة مخلصون : سلمان ، والمقداد ، وأبو ذر ، وعمّار. ثم يتبّعهم جماعة قليلون اثنا عشر ، وكانوا يزيدون ويكثرون بالتدريج ، حتى بلغوا ألفاً وأكثر ، ثم في زمن عثمان لمّا أخرج أبا ذر إلى الشام بقي أيّاماً ، فتشّيع جماعة كثيرة ، ثم أخرجه معاوية إلى القرى ، فوقع في جبل عامل ، فتشيّعوا من ذلك اليوم ... فظهر أنه لم يسبق أهل جبل عامل في التشيّع إلاّ جماعة محصورون من أهل المدينة ، وقد كان أيضاً في مكة والطائف واليمن والعراق والعجم شيعة قليلون. وكان أكثر الشيعة في ذلك الوقت أهل جبل عامل (٢).
ومن هنا قال السيد الصّدر العاملي ـ في فصل علم الكلام ـ : « وأمّا أوّل من ناظر في التشيّع .. هو المولى الأعظم والإمام الأقدم ، صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أبوذر الغفاري ، رضي الله تعالى عنه » ثم ذكر الكلام السّابق وغيره وتشيع أهالي جبل عامل على يده (٣).
__________________
(١) إنما اخترنا هذا المورد للاستشهاد تنبيهاً على كلمةٍ لأحد علماء هذه المنطقة يقول فيما وهو يتهجّم على علم الكلام : « لم يتشيّع سنيّ إلاّ على مستوى الأفراد والقناعات ».
(٢) أمل الآمل في علماء جبل عامل ١/١٣.
(٣) تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام : ٣٥١.