فيه ، فإن شغب شاغب استعتب ، فإن أبي قوتل ، ولعمرى ، لئن كانت الامامة لا تنعقد حتى يحضرها عامّة الناس ، فما الى ذلك سبيل ، ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها ، ثم ليس للشاهد أن يرجع ، ولا الغائب أن يختار. ألا وإني أقاتل رجلين ، رجلاً ادعى ما ليس له ، وآخر منع الذي عليه » (١).
إذن ، يعتبر في الامام النص والأفضلية ، كالنصوص والفضائل التي ناشد به أصحاب الشورى ، والمقصود هم والذين سبقوهم ، وكالأعلّمية التي ذكرها في الخطبة المذكورة هذه ... فإن بايع المهاجرون والأنصار كان « أقواهم عليه » ... وكان على الآخرين المتابعة والطّاعة.
وقد توهّم بعض المتكلّمين من أهل السنة ، كالشيخ عبدالعزيز الدهلوي صاحب ( التحفة الاثنا عشريّة ) فتمسّك بما جاء في كتاب الامام عليهالسلام الى معاوية وجعله معارضاً لحديث الثقلين المتواتر بين الفريقين ... غافلاً عن أنّ احتجاج الامام عليهالسلام بما ذكره إنّما هو لإلزام معاوية ، لكونه يرى صحّة امامة أبي بكر وعمر وعثمان لبيعة المهاجرين والأنصار فيقول له الإمام عليهالسلام : لو كانت الإمامة تنعقد ببيعة المهاجرين والأنصار فقد بايعوني كلّهم ... ولو أنّهم جميعهم اجتمعوا على أمرٍ كان لله فيه رضىً ، لأنّه حينئذٍ يكون فيهم المعصوم الذي فعله حجة ... لكنّ الواقع عدم تحقّق هكذا اجماعٍ على واحد من الثلاثة ... فما ذكره الامام لمعاوية ليس إلاً للالزام.
وكما ذكرنا من قبل ... فإنّ الاستدلال إن كان منطقياً والبحث سليماً ، وكانت الأدلة على أسس رصينةٍ وقواعد متينة ... فلا شك في تأثيره في القلوب الطالبة للحق ، المحبّة للخير والفلاح ...
__________________
(١) نهج البلاغة ط صبحي الصالح : ٢٤٧.