وثانياً : على تكرار صلاة أبي بكر بالناس حتى يكون في مرةٍ إماماً للنبي وفي أخرى مأموماً له ، لكن الذي عليه الأئمة أنّ صلاته بالناس لم تكن إلاّ مرةً واحدة ، وهي التي حضر فيها النبي فكان الإمام (١).
ثم إنه يؤكد كذب أصل خبر أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : كون أبي بكر في ذلك الوقت في جيش أسامة في خارج المدينة (٢) الذي لعن من تخلف عنه (٣) فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يعود ـ والحال هذه ـ فيأمره بالصلاة بالناس.
وأيضاً فالنبّي كان ملتزماً بالحضور للصلاة بنفسه ، فقد صلّى بالناس في مرضه الأخير إلاّ في الصلاة الأخيرة من عمره الشريف حيث اشتد حاله فلم يحضر (٤) ، وهذه هي التي خرج إليها معتمداً على رجلين أحدهما علي عليهالسلام (٥) ، فصلّى تلك الصلاة أيضاً بنفسه ، لأنّه لم يكن قد أمره بذلك.
والذي يؤكّد كذب ما روي من صلاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خلفه أنّ الله تعالى قد نهى المؤمنين عن التقدم على رسول الله حيث قال : ( يا أيّها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ) (٦) ، وقد استدل بهذه الآية وأدلة أخرى مالك بن أنس وأتباعه وجماعة آخرون فذهبوا إلى أنه لا يصح التقدّم بين يديه لا في الصّلاة ولا في غيرها ، ولا لعذر ولا لغيره (٧).
هذا موجز الكلام على هذه القضية ، ولنا فيها رسالة مستقلة *.
قوله (٣٥٧).
__________________
(١) لاحظ : فتح الباري ٢/١٣٨.
(٢) لاحظ : فتح الباري ٨/١٢٤.
(٣) الملل والنحل ١/٢٩ وهو في الكتاب عن الآمدي ٨/٣٧٦.
(٤) صحيح البخاري بشرح ابن حجر ٣/١٣٧ ، صحيح مسلم بشرح النووي ٣/٥٤.
(٥) فتح الباري ٢/١٢٣ وغيره.
(٦) سورة الحجرات : ٢.
(٧) لاحظ : نيل الأوطار ٣/١٩٥ ، السيرة الحلبية ٣/٣٦٥ ، فتح الباري ٣/١٣٩.
* لاحظ الرّسالة في هذه المجموعة.