مولانا شمس الدين الاصبهاني ، فإنه بقدر طاقته حام حول مقاصده ، وتلقّاه الفضلاء بحسن القبول ، حتى أن السيد الفاضل قد علّق عليه حواشي ، تشتمل على تحقيقات رائقة وتدقيقات شائقة ، تنفجر من ينابيع تحريراته أنهار الحقائق ، وتنحدر من علوّ تقريراته سيول الدقائق.
ومع ذلك كان كثير من مخفيّات رموز الكتاب باقياً على حاله ، بل كان الكتاب على ما كان كونه كنزاً مخفّياً وسرّاً مطوّياً ، كدرّة لم تثقب ، لأنه كتاب غريب في صنعته ، يضاهي الألغاز لغاية ايجازه ، ويحاكي الإعجاز في إظهار المقصود وإبرازه.
وإني بعد أن صرفت في الكشف عن حقائق هذا العلم شطراً من عمري ، ووقفت على الفحص عن دقائقه قدراً من دهري ، فما من كتاب في هذا العلم إلاّ تصفّحت سينه وشينه ، أبت نفسي أن تبقى تلك البدائع تحت غطاء من الإبهام ، فرأيت أن أشرحه شرحاً يذلّل صعابه ، ويكشف نقابه ، وأضيف إليه فوائد إلتقطتها من سائر الكتب ، وزوائد استبطتها بفكري القاصر ، فتصدّيت بما عنيت.
فجاء بحمد الله تعالى كما يحبّه الأودّاء لا مطوّلاً فيمل ولا مختصراً فيخل ، مع تقرير لقواعده ، وتحرير لمعاقده ، وتفسير لمقاصد. انتهى ملخصاً.
وإنّما أوردته ليعلم قدر المتن والماتن ، وفضل الشّرح والشّارح (١).
ثم ذكر كاشف الظّنون الحواشي والتعاليق على الشرحين القديم والجديد ، ثمّ الحواشي على تلك الحواشي ... بما لا حاجة الى ذكره اكتفاءً بما تقدّم (٢).
وفي إيران ... أسّس القاضي عضد الدين الايجي مدرسةً ، أنجب فيها
__________________
(١) ونحن أيضاً أوردناه بطوله لنفس الغرض ، وليعلم ـ بالمقارنة بينه وبين ما سننقله عن التفتازاني في المتن والماتن ـ مَنْ الحاقد المتعصّب!
(٢) كشف الظنون ١/٣٤٦ ـ ٣٥١.