وأوّل ما في هذا الأحاديث تكاذب البعض منها مع البعض الآخر ، الأمر الذي حار القوم واضطربوا وتضاربت كلماتهم في حلّه (١) فاضطرّ بعضهم إلى القول بأنّ المتعة أُحلّت ثم حُرمت ثمّ أُحلّت ثمّ حُرمت ... حتّى عنون مسلم في صحيحه : « باب نكاح المتعة وبيان أنّه أبيح ثمّ نسخ ثم أبيح ثم نسخ ، واستقرّ حكمه إلى يوم القيامة ».
لكن الأخبار لم تنته بذلك ، بل جاءت بالتحليل والتحريم حتى سبعة مواطن كما قال القرطبي (٢).
إلاّ أنّ ابن القيّم ينصّ على أنّ النسخ لا يقع في الشريعة مرّتين ، فكيف بالأكثر؟! وهذه عبارته حيث اختار التحريم في عام الفتح : « ولو كان التحريم زمن خيبر لزم النسخ مرّتين ، وهذا لا عهد بمثله في الشريعة ألبتّه ولا يقع مثله فيها » (٣).
ثم تكذيب قولة عمر : « متعتان كانتا على عهد رسول الله ، وأنا أنهى عنهما ... » لجميعها : فإنّه في هذا القول الثابت عنه ـ معترف بأنّه هو الذي حرّم ما كان حلالاً على عهد رسول الله عليه وآله وسلّم.
ثم قول الأصحاب ، قبل عمر وفي زمانه وبعده ـ بحلّيّة المتعة ، وأنّ عمر هو الذي حرّمها ، وأنّه لولا تحريمه لما زنى إلاّ شقي ...
__________________
(١) راجع إن شئت الوقوف على طرفٍ منها : المنهاج للنووي ٦/١١٩ فما بعدها ، وفتح الباري ـ لابن حجر ـ ٩/١٣٨.
(٢) تفسير القرطبي ٥/١٣٠.
(٣) زاد المعاد في هدي خير العباد ٢/١٨٤.