مسلم بن الحجاج ـ قال الحافظ السيوطي : « وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم عن عائشة قالت : خرج رسول الله غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود فجاء الحسن والحسين فأدخلهما معه ثم جاء علي فأدخله معه ثم قال : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً » (١).
ثم إن الآية الكريمة تدل على عصمة الخمسة ، لأن الرجس فيها كما نص عليه الزمخشري (٢) وغيره هو « الذنوب » وقد تصدرت الآية بأداة الحصر ، فدلّت على أنّ إرادة الله تعالى في حقهم مقصورة على إذهاب الذنوب كلّها عنهم ، وهذا واقع العصمة.
وأيضاً : فقد ذكر أصحابنا هذه الآية المباركة في أدلة إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام. لأنه قد إدّعى الخلافة لنفسه ، وإدّعاها له فاطمة والحسنان ، وهم لا يكونون كاذبين ، لأنّ الكذب من الرجس الذي أذهبه الله عنهم.
وأمّا الحديث الشّريف : « فاطمة بضعة منّي ... » فهو أيضاً من الأحاديث الصحيحة المتفق عليها ، وممّن أخرجه : أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة والحاكم ... وهو يدلّ على عصمتها صدراً وذيلاً.
وأما صدراً فلكلمة « بضعة » ، قوله : « مجاز قطعاً » منه : أنّ الأصل هو الحقيقة فلابدّ من حمل الكلام عليها ، ثم من أين يحصل القطع بكونه مجازاً؟ وممّا يشهد بحمله على الحقيقة فهم كبار الحفاظ من ذلك بشرحه كالحافظ أبي القاسم السهيلي شارح السيرة النبوية ... فقد قال المناوي بشرح الحديث : « إستدل به السّهيلي على أنّ من سبّها كفر لأنه يغضبه وأنها أفضل من الشيخين » (٣).
فإنّ دلالته على الأفضلية منهما لا يكون إلاّ بلحاظ كون الزهراء « بضعة »
__________________
(١) الدر المنثور ٥/١٩٩.
(٢) الكشاف ٣/٥٣٨ وكذا في غيره من التفاسير.
(٣) فيض القدير ٤/٤٢١.