٢/٢٦١ وغيرها.
بقي أن نعرف إذن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعثمان بردّ الحكم وإيوائه ، فأين الخبر في ذلك؟ ومن الذي رواه؟ يقول السّعد : ( على ما روي ... ) وهو أيضاً لا علم له بالرواية! بل أخذ هذا الجواب ـ مثل كثير من المواضع ـ من عبد الجبار المعتزلي حيث قال في ( المغني ) : « قد نقل أن عثمان لمّا عوتب على ذلك أنه استأذن رسول الله » لكن المعتزلي أيضاً يقول : « قد نقل ». وقد اعترضه السيّد المرتضى في ( الشافي ) بأنّ هذا لم يسمع من أحد ولا نقل في كتاب ، ولا نعلم من أين نقله؟ وفي أبي كتاب وجده؟ فإنّ الناس كلّهم رووا خلافه!
ثم إن أبابكر وعمر لم يردّا عثمان لكونه شاهداً واحداً ، وإنّما ردّاه لأنّهما لم يصدّقاه ، حتى قال له عمر : « ويحك يا عثمان!! » وهذا نصّ الخبر كما رواه الحلبي ، قال : « كان يقال له : طريد رسول الله ولعينه وقد كان طرده إلى الطائف ومكث به مدة رسول الله ومدّة أبي بكر بعد أنْ سأله عثمان في إدخاله المدينة ، فأبي فقال له عثمان : عمي ، فقال : عمّك إلى النار ، هيهات هيهات أن أغيّر شيئاً فعله رسول الله ، والله لا رددته أبداً ، فلمّا توفي أبوبكر وولي عمر كلّمه عثمان في ذلك فقال له : ويحك يا عثمان! تتكلّم في لعين رسول الله وطريده وعدّو الله وعدوّ رسوله ، فلمّا وليّ عثمان ردّه إلى المدينة ، فاشتدّ ذلك على المهاجرين والأنصار ، فأنكر ذلك عليه أعيان الصحابة ، فكان ذلك من أكبر الأسباب على القيام عليه ... » (١).
فلو كان هناك إذن من رسول الله حقّاً لعلمه أبوبكر وعمر وأعيان الصحابة من المهاجرين والأنصار ولما قال له : « يحك يا عثمان »؟ ولو كان عنده شهادة لما قالوا له : تتكلّم في لعين رسول الله وطريده ... ».
على أنّه قد روي عن عثمان الاعتذار بالقرابة ، قال ابن عبد ربه في ( العقد الفريد ) : « لمّا ردّ عثمان الحكم طريد أبي بكر وعمر إلى المدينة تكلّم
__________________
(١) السيرة الحلبية ٢/٨٥.