« أحراقه فجاءة السلمي بالنار من غلطه في اجتهاده ، فكم مثله للمجتهدين » (١).
لكن الإعتراف بغلط أبي بكر في الإجتهاد لا يبرء ساحته ، ولا يكون له عذراً يوم القيامة ، مع وجود النص الصّريح الصّحيح في حرمة التحريق بالنار ، فهو قادح في عدالة أبي بكر وخلافته ، ولذا اضطّر بعضهم كالشيخ عبدالعزيز الدهلوي في كتابه ( التحفة الاثنا عشرية ) (٢) إلى إنكار أصل القضيّة ، ودعوى أنها من افتراءات الشيعة. فإنكار أصل القضيّة يشهد بأن لا توجيه صحيح له ، لكن الإنكار لا يجدي فالقضية من المسلّمات ، والمصادر الناقلة لها كثيرة معتبرة ، وإلاّ لم احتاج الآخرون إلى تلك التوجيهات الفاسدة الباردة ...
وفوق ذلك كلّه ... كلام أبي بكر في آخر حياته ... الدالّ على ثبوت القضيّة وسقوط كلّ التوجيهات : « وددت أني لم أكن حرّقت الفجاءة السلمي ... ».
قوله (٣٥٧) :
( وأمّا قطع البيسار فلعلّه من غلط الجلاّد ، أو رآه في المرة الثالثة من السرقة ، وهو رأي الأكثر من العلماء ).
أقول :
في هذه العبارة اعترف بأمرين أحدهما : وقوع أصل القضية. والآخر : كون العمل خلاف الشرع ، وهل يكفي في الدفاع أن يقال : « ليت » و « لعلّ »؟!
أمّا قوله : « فلعلّه من غلط الجلاّد » فاحتمال سخيف لا يصغى إليه ...
__________________
(١) شرح التجريد للقوشجي : ٣٧٩.
(٢) التحفة الإثنا عشرية : ٢٨٣.