أقول :
قد عرفت تنصيصه على أنّ النّص منتف في حقّ أبي بكر ، أمّا هنا فلم ينص على ذلك ، ولعلّه لئلاً يورد عليه في استدلاله ببعض النّصوص المزعومة في أبي بكر.
وهذه النصوص التي قد يستدلّ بها على إمامة أبي بكر هي من موضوعات شرذمةٍ من الناس عرفوا بـ ( البكرية ) ، وضعوا أحاديث في فضل أبي بكر ... نصّ على وضعها علماء أهل السنّة حتى المتعصّب منهم كابن الجوزي في كتابه ( الموضوعات ).
لكن لا يخفى أنها حتى لو تمّت سنداً ودلالةً لا تكون حجة على أصحابنا ، لانفراد أولئك بنقلها ... بخلاف اصحابنا فإنّهم لا يستدلّون إلاّ بما جاء في كتب أهل السنّة ، بالاضافة إلى وجوده عندنا بطرقنا.
وعلى الجملة فالقوم معترفون بعدم النّص على أبي بكر ، لكنهم يستدلّون لعدم النصّ من النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مطلقاً بعمل الأصحاب بناء على حسن الظّن بهم.
قال ( ٢٥٩) :
( ثمّ استدلّ أهل الحق بطريقين :
أحدهما : ـ إنّه لو كان نص جلّي ظاهر المراد في مثل هذا الأمر الخطير المتعلّق بمصالح الدين والدنيا لعامّة الخلق لتواتر واشتهر فيما بين الصّحابة ... فإن قيل : علموا ذلك وكتموه لأغراضٍ لهم في ذلك ... كحبّ الرياسة والحقد على علي لقتله آباءهم وعشائرهم وحسدهم إيّاه. وترك علي المحاجّة به تقيةً وخوفاً ... قلنا : من كان له حظ من الديانة والإنصاف علم قطعاً براءة أصحاب رسول الله وجلالة أقدارهم عن مخالفة أمره في مثل هذا الخطب الجليل ، ومتابعة الهوى وترك الدّليل ...
الثاني : ـ روايات وأمارات تفيد باجتماعها القطع بعدم النص ، وهي كثيرة